معنى اسم الله ( الودود ) وعدد مرات ذكره في القران :
اسم الله تعالى الودود من الأسماء التي اتفق العلماء على عدها من أسمائه الحسنى لوروده صريحا في القران ، حيث ورد ذكره في موضعين :
الموضع الأول في سورة هود في قوله تعالى على لسان شعيب مخاطبا قومه وقد كفروا وبه وبدعوته ( وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ [هود:90]
والموضع الثاني في سورة البروج بعد الإشارة إلى قصة أصحاب الأخدود وما كان من تحريقهم وتوعده تعالى لمن فعل بهم ذلك بالعذاب وتخويفه من بطشه حيث قال بعد ذلك سبحانه وتعالى ( وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) [البروج:14] .
وسياق ذكر هذا الاسم العظيم يعطيك دلاله لطيفة على واسع رحمته وعظيم لطفه وكيف أن رحمته سبقت غضبه !
حيث إن الودود في اللغة على وزن فعول وهي صيغة مبالغة مأخوذة من الفعل ( ودّ ، يود ، ودا ) ، والود في اللغة هو الحب ، وخصه بعضهم بالحب الظاهر على السلوك ، بينما الحب قد يكون قلبيا فقط .
فهو سبحانه لم يسم نفسه باسم (الواد ) أو المود بل سمى نفسه بصيغة المبالغة ( الودود) للدلالة على كثرة وده ومحبته لعباده .
قال البخاري: "الودود هو الحبيب".
وقال الزجاج: "(الودود) فعول بمعنى فاعل، كقولك:غفورٌ بمعنى غافر، وشكور بمعنى شاكر. فيكون الودود في صفات الله بمعنى: الذي يودُّ عباده الصالحين ويحبهم".
دلالة ذكره في الموضعين المذكورين :
يظهر عند تأملك في سياق ورود هذا الاسم أنه لم يرد عند حديثه تعالى عن المؤمنين وعلاقتهم بالله تعالى أو علاقة الله بهم أو تودده لهم ، بل جاء في الموضع الأول في مخابطة قوم كفار عاندوا نبيه وكفروا بدعوته وهو قوم مدين ، وفي الموضع الثاني جاء في سياق قصة من حرقوا المؤمنين في النار ، فالمخاطبة في المرتين كان للكفار وليس للمؤمنين !
وهذا فيه إشارة إلى عظيم رحمته وأن هؤلاء الكفار المعاندين والمؤذين لأوليائه رغم كل ما اقترفوه وفعلوه فباب التوبة لهم مفتوح ، وهو سبحانه ( ودود ) يحب توبتهم ويفرح بها ويمحو عنهم كل الذنوب إن أقبلوا عليه ولو أتوه بقراب الأرض خطايا ثم لقوه لا يشركون به شيئا لأتاهم بقرابها مغفرة ولا يبالي سبحانه وهو الغني عنهم ، فأي رحمة أعظم من هذه الرحمة !
وإذا كانت هذه رحمته ودعوته للكفار المعاندين فكيف بالك برحمته للمؤمنين المقبلين !
فأي بشرى أعظم من هذه البشرى للعبد المؤمن !
ولكن في المقابل وحتى يكون الميزان صحيحا فإنه سبحانه كما أنه ودود فإنه شديد العقاب لمن أصر على طغيانه وتجبر رغم كل هذا التودد والإمهال منه سبحانه ،وقد ورد ذلك في السياقين أيضا : حيث ورد في سياق قصة قوم شعيب تحذيره قومه من مصير الأقوام السابقة وأن يصبيهم من أصابهم ، وفي قصة أصحاب الأخدود ورد قبلها ( إن بطش ربك لشديد ).
من آثار الإيمان باسم الله الودود :
1. محبته سبحانه وسكون القلب إليه وإقباله عليه .
2. تحسين الظن بالله أنه يغفر ويتجاوز ويمحو ما كان من المعاصي إن صدق العبد في توبته .
3. عدم القنوط من رحمة الله ، وإغلاق باب اليأس ، أو الانهماك في المعاصي بدعوى أن الله لا يقبل التوبة .
4. الرحمة بالعاصين ومحبة الهداية لهم والإشفاق عليهم والاجتهاد في نصحهم .
وغيرها من الآثار .
والله أعلم