لا شك في أنك قد مررت كثيرًا سابقًا على مفهوم الحرية، وقد فهمت أنها قدرة الفرد على الاختيار دون التعرض لأي قوة خارجية من فرد آخر أو مؤسسة أو حتى حكومة. وسياسيًا تعني أن تعيش داخل نظام قائم على حقوق الفردية. وباستخدام القوة يمكن أن يحرم الفرد من حياته، أو ممتلكاته، أو حقه في التعليم والعلاج.
فيما يخص الدول ذات الشعوب المتقدمة فإن أول ما تدافع عنه وتركز عليه من الحريات هي الحريات السياسية والاقتصادية. وبالحرية الاقتصادية أعني قدرة الفرد على ممارسة وأداء أي نشاط اقتصادي يرغب فيه، وفي سياقات أخرى من الممكن أن تعني التخلص من الحاجة والعوز. ولتستطيع الدولة أن تمنح هكذا حقوق، عليها أن تكون بذاتها حرة اقتصاديًا وسياسيًَا.
إن أخذنا دولة سنغافورة كمثال على ذلك، وهي بالفعل دولة متقدمة. سنغافورة دولة ديمقراطية ومزدهرة اقتصاديًا بشكل كبير وملاحظ، حتى أنها احتلت المركز الثاني عام 2017 على باقي دول العالم في الحرية الاقتصادية. وهذا النوع من الحرية هو الذي يساعدها على زيادة نموها الاقتصادي، وكذلك الحرية في ريادة الأعمال. عملية بدء الأعمال والمشاريع هناك واضحة ومباشرة، بالإضافة لعدم وجود حد أدنى لرأس المال المطلوب. ويبقى سوق العمل حيويًا وفعال.
كل ذلك على الرغم من أن هنالك حريات مثل حرية التعبير وحرية التجمع مقيدة، ولا أنفي أهمية هذه الحريات بالطبع، إنما الهدف أن أثبت لك كيف أن الحرية الاقتصادية لها شأن كبير في ازدهار الدولة وتطورها. ومن خلال الحرية الاقتصادية سوف تصل الدولة وشعبها إلا مرحلة الاكتفاء الذاتي، والذي يبدأ بخلق كيان مستقل للدولة، ومن ثم تتأثر سياسة البلد بشكل مباشر وواضح وسريع. حتى أنه يمكننا القول أن لا حرية سياسية بلا حرية اقتصادية مهما كان الوضع. ولا شك في أن الحرية الاقتصادية والحرية السياسية لها كبير الأثر على الحرية الاجتماعية لاحقًا بشكلٍ ما.
من الضروري للدول النامية أن تركز على حريتها الاقتصادية. فيجب على حكوماتها تعزيز أنشطة ريادة الأعمال والابتكار والبحث من أجل تعزيز الحرية الاقتصادية ويجب أن تركز أيضًا على حقوق الملكية القوية والتجارة الحرة وسيادة القانون والأسواق الحرة لتحقيق الاستقرار والازدهار في الأمة وبين أفراد الشعب.
في النهاية نصل إلى أن الحرية الاقتصادية مهمة لنمو الأمم والاقتصاد وما إلى ذلك، وهي تغطي جميع الجوانب الضرورية لتنمية الدول. فإذا أرادت أمة أن تتطور ، فيجب عليها التركيز على الحرية السياسية وكذلك الحرية الاقتصادية.