ما صحة حديث (الله أكبر كبيراً عدد الشفع والوتر...)؟

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٧ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
هذا أثر وليس حديث وهو موقوف عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنه أنه قال:
(مَنْ قَالَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا عَدَدَ الشَّفْعِ، وَالْوِتْرِ، وَكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الطَّيِّبَاتِ الْمُبَارَكَاتِ، ثَلَاثًا، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ، كُنَّ لَهُ فِي قَبْرِهِ نُورًا، وَعَلَى الْجِسْرِ نُورًا، وَعَلَى الصِّرَاطِ نُورًا، حَتَّى يُدْخِلْنَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه

 وهذا
الأثر إسناده حسن، رواه ابن أبي شيبة في المصنف، كما رواه السيوطي في جامع الأحاديث، وحسَّن إسناده، كما رواه علاء الدين علي المتقي في كنز العمال، وقال: سنده حسن.

- فيبقى أثر والأثر يؤخذ به وبما أنه اشتمل على الذكر فإنه حسن فالذكر حسن والتكبير حسن،
ولكن المشكلة أنَّ المصنفين في الحديث مِن أهل السُّنن والمسانيد، والمصنّفين في الأذكار لم يَروُوه ولم يذكروه،

وبهذا يصير هذا الأثر مِن الغرائب، وإعراضُ الأكثرين عنه يوجبُ التَّوقف في ثبوته، وفي العمل به، ومما يزيدُ الإشكال فيه غرابة متنه؛ لأنَّ فيه: "مَن قال دُبر كلّ صلاة"، وهذا يعمّ الفرض والنَّفل، ولم يأتِ مثل هذا في أيِّ ذكرٍ مِن أذكار الصَّلاة، وكذلك ضبط عدده بالشَّفع والوتر لا نظير له في الأذكار المعدودة.

- يقول الشَّيخ المحدِّث عبد الله بن عبد الرحمن السعد على هذا الأثر: أنَّ الأثر ليس بالقوي، "لا أقول: إنَّه ضعيف، ولكنَّه غريب السند والمتن"، ومِن جملة ما لحظه الشيخ عبد الله أنَّ أشهر الآخذين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- لم يرووا هذا الأثر عنه مع أهمية موضوعه، كابنه سالم، ونافع، وهذا ملحظٌ مهم، وأنا أقول: إنَّ فيما صحَّ عن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- غنية عن الأثر المذكور، والله أعلم.

- أما شرح هذا الأثر:
- فقول ابن عمر رضي الله عنه: "مَنْ قَالَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ".
فالمقصود هنا: الصلاة المكتوبة.
- وقوله: "وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ" فهذا من أذكار النوم التي تقال قبل النوم.

-والمقصود بقوله: (وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ) يعني: يقول: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَدَدَ الشَّفْعِ، وَالْوِتْرِ، وَكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الطَّيِّبَاتِ الْمُبَارَكَاتِ) ثَلَاثًا، كما قال في التكبير.

-أما قوله بالشفع والوتر: الخلق كلهم، فمنهم شفع ومنهم وتر.

قال القاسمي رحمه الله:
" وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ يعني الخلق والخالق. فالشفع بمعنى جميع الخلق، للازدواج فيه كما في قوله تعالى: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الذاريات: 49]، قال مجاهد: كل خلق الله شفع. السماء والأرض. والبر والبحر، والجن والإنس والشمس والقمر والكفر والإيمان. والسعادة والشقاوة. والهدى والضلالة. والليل والنهار.

والمقصود بالوتر: هو الله تعالى لأنه من أسمائه. وهو بمعنى الواحد الأحد. فأقسم الله بذاته وخلقه.
-وقيل: المعنى بالشفع والوتر، جميع الموجودات من الذوات والمعاني. لأنها لا تخلو من شفع ووتر

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: بأن كلمات الله التامات قد اشتملت على العدل والصدق، كما قال تعالى: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) الأنعام/115.

-والكلمات التامات: هنا تحتمل أنها الكلمات الكونية والقدرية، والكلمات الشرعية، فإن الإنسان يستعيذ بكلمات الله الشرعية، بالقرآن مثلاً، كالتعوذ بسورة الفلق، وسورة الناس، ويتعوذ بالآيات الكونية وهي: أن الله عز وجل يحميه بكلماته الكونية من الشيطان الرجيم ".

وأما قوله وعلى الجسر نورا: فإن المشهور أن الجسر هو الصراط، كما في حديث الرؤية عند مسلم (183): (... ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ).

فالجسر هُوَ الصِّرَاطُ كما قال البخاري رحمه الله في "صحيحه بأن بَابُ الصِّرَاطُ جَسْرُ جَهَنَّمَ.

ولكن قوله في حديث ابن عمر بعد ذكر الجسر: وعلى الصراط نورا يمنع من تفسير الجسر بالصراط، وإلا كان تكرارا.
فلربما قصد بالجسر هنا: القنطرة التي تكون بين الجنة والنار، حيث أنه يتقاضى المؤمنون مظالم كانت بينهم في الدنيا، كما روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا، أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الجَنَّةِ).

والمقصود بالنور على الصراط: هو النور الذي يعطى للمؤمن ويحرمه المنافق، 

قال تعالى: (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة التحريم آية/ 8، 

وقال تعالى: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) الحديد/ 13. 
والله أعلم.



  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة