ما شعورك عند استلام أول راتب في حياتك؟

1 إجابات
profile/أريج-عالية-1
أريج عالية
educational consultant في freelance (٢٠١٨-حالياً)
.
٢٧ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
   لا يمكن أن أصف أول راتب لي بأنه راتب حقيقي!  عملت في مدرسة خاصة صغيرة في محافظة الزرقاء كمدرسة علوم من الصف الثالث للثامن. كان العمل مرهقًا جدًا، فبالإضافة للعمل كمدرسة، كان لكل معلمة جولة في الحافلة المدرسية في شهر معين في الفصل الواحد، تبدأ الجولة من السادسة والنصف لجمع الطلبة من بيوتهم، ثم الانطلاق بجولة في نهاية الدوام المدرسي لإعادتهم لمنازلهم في جولة تستمر للثالثة والنصف. فتصور القيام بتقديم 28 حصة أسبوعيًا، تستريح فقط مرتان بالأسبوع لتصحيح الدفاتر أو حتى تشغل حصة مكان الزميلة الغائبة؛ أي أنني كنت أعمل طوال اليوم دون توقف باستثناء في فترة الاستراحة التي لا يكون لي مناوبة بها. كل هذا لاستلام مبلغ 60 ديناراً شهريًّا! نعم ستون دينار كنت أستلمها بشكل متقطع بعد انتهاء الشهر، وذلك بالاعتماد على دفع أولياء الأمور لأقساط أطفالهم، والمعلمة الحذِقة هي من تقنع الأهالي بالدفع؛ لتستلم راتبها أو جزء منه أسرع من الباقيات. 

    قد تقول لماذا فعلت ذلك؟ هل يستحق كل هذا التعب هذا المبلغ البخس؟. لأقول لك أنني كنت مجبرة لافتقادي للخبرة التي بدأتها كمعلمة في التعليم الإضافي، لكن لم يكن كافيًّا، حيث كنت أدرس لحد أقصى لمدة فصل دراسي فقط. لذا فكرت بالاتجاه للتعليم في القطاع الخاص. وهذه هي المدرسة الوحيدة التي ارتضت أن أعمل بها دون خبرة. كما أن سقف الرواتب ضمن نطاق مؤسسة الضمان الاجتماعي كان 85 ديناراً فقط، لذا لم أجد أن هناك فارقًا يذكر. فكرتي تكمن في الحصول على الخبرة المناسبة، ثم الانطلاق نحو مدارس أخرى، قد تتمكن من تقدير إمكاناتي الجيدة. حيث أنني وبشهادة أولياء الأمور أستطيع أن أجذب طلبتي لحب العلوم، والحرص على تعلمها؛ حيث كانوا يقومون بعمل التجارب في المنزل، ومتابعة واجباتهم، والاهتمام بالتحضير لمادة العلوم بحب وشغف. 

   في حقيقة الأمر، ظهر هذا الشعور بشكل عظيم دون القيام باستلام الراتب فعليًّا، بل عند مشاهدة حسابي البنكي يكبر قليلًا كل شهر عند عملي بمدرسة خاصة كبرى مرموقة. في هذه المدرسة شعرت بالفخر والاعتزاز أن أكون من ضمن منظومة تعليمية ذات رؤى واضحة، تضمن احترام المعلم وحقوقه، وتقدر جهوده، وتعزز مكانته أمام أولياء الأمور، وتساهم في تطويره التعليمي المهني المستمر. كوني فردًا من فريق هذه المدرسة العريقة، ضمن لي حقوقي في العطلة الصيفية، وحصولي على مكافأة نهاية كل عام، وحصولي على العديد من الدورات التدريبية الهامة، وحتى مساعدتي في الحصول على الدبلوم العالي أثناء عملي معهم، والتسهيل عليّ أيام امتحاناتي ومحاضراتي. رؤيتي لراتبي  من هذه المدرسة، جعلني سعيدة ممتنة للنعم التي أنا فيها. جعلني أدرك لذة الشعور عند الحصول على راتبك بعد كد وتعب، وأهمية أن يكون الإنسان مقدر الجانب، مكرم الشخصية، معزز الهيبة. أدركت حلاوة الشعور بالحصول على ثمار جهودي وتعبي، بالفخر بأن ما قمت به أثناء عملي قد نلت عليه ما استحق. أدركت أن الحصول على المال بعد تعب لا يضاهيه شعور، وأن إعطاء الأجير حقه قبل جفاف حقه هو أمر ملزم، وأن عملي فعلًا يستحق كل جهد؛ لا لقيميته المادية فقط، بل لقيمته المعنوية أيضًا. 

  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 5 شخص بتأييد الإجابة