في الحقيقة، يمكننا نحن أن نصل إلى المرحلة التي يفكر فيها شارلوك هولمز. أما متى يحدث ذلك، فإنه عندما ندرب أنفسنا على ذلك ونفهم طريقة تفكير شارلوك هولمز ونقوم بتبسيطها.
إن ما يعتمد عليه شارلوك هولمز هو ما يسمى "قصر الذاكرة"، حيث يحدث فيها أن ترتب جمع ذكرياتك وأفكارك التي تحملها طوال حياتك بشكل منظم جدًا داخل رأسك. في الواقع نحن لا يمكننا الوصول لقدرة هولمز على استرجاع الذكريات بنفس القدر. إلا أننا يمكننا التفكير بنفس طريقته التي يستخدمها؛ في التخزين والاسترجاع والمحافظة على التنظيم.
ترى الأبحاث والدراسات أنه عندما تسجل ذكرى في حدث ما، ويُطلب منك استرجاعها في وقت آخر، فإنك بذلك تستخدم نفس مناطق الدماغ التي استخدمتها في تسجيل الذكرى. لكن السؤال الذي كان ما زال محل جدال، هل تسجل وتعود الذكرى بنفس الطريقة لكل الناس؟
قام مجموعة من العلماء من ضمنهم الدكتورة التي قادت التجربة جانيس تشن من قسم علم النفس والباحثة في المرحلة ما بعد الدكتوراة، بالإضافة إلى يون تشانغ ليونغ خريج قسم علم النفس ومجموعة أخرى. قاموا هؤلاء بجمع 22 شخص وإدخالهم إلى جهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي، ويعمل هذا الجهاز على قياس مجرى الدم في الدماغ لمعرفة وقياس مدى نشاطه. بعد ذلك عرض الباحثون جزء من حلقة من مسلسل شارلوك هولمز لمدة 48 دقيقة على المشاركين، وبعدها مباشرة؛ تم سؤالهم عن كل ما يتذكرونه من الحلقة.
كان المتوقع في تلك التجربة أن يستطيع المشاركون أن يتحدثوا إلى نحو عشرة دقائق، إلا أن المفاجأة كانت قدرتهم الكبيرة على التذكر، حيث وصلت مدة قدرتهم على الحديث عن ما يتذكرون إلى 20 دقيقة كمتوسط! وحملت ذكرياتهم الكثير من التفاصيل كشكل قبعة شارلوك ولون الغرفة وترتيب الأثاث وما إلى ذلك.
عند مقارنة نشاط الدماغ أثناء مشاهدة المسلسل مقارنة بنشاطه في مرحلة التذكر، كانت عندها أنماط الدماغ متشابهة جدًا لدرجة أن الدارسون استطاعوا تحديد أي مشهد الذي يصفه المشاهد. كنتيجة تقول تشن أن هذا يوضح أن هناك إطار مستقل للدماغ لكل مشهد، هذا يشبه بصمة الإصبع الخاصة لكل شخص.
في المرحلة الثانية، قام العلماء بدراسة جميع أدمغة المشاركين في مرحلة المشاهدة، وقارنوها بدماغ كل فرد في مرحلة التذكّر. وجدوا الباحثين هنا أن هنالك تشابهات كبيرة بين نشاط استذكار كل فرد مع الآخرين، ومن هنا نجد أن ذكرياتنا ليست مميزة كما نظن، حيث أنه في نقطة استرجاع الذكريات فإننا متشابهون كثيرًا.