العالم ذكر, كوكبنا ذكوري عن بكرة أبيه, كل الانظمة وقواعد الحياة وترتيباتها ذكورية ومبنية على أسس ذكورية, وعندما اقول ذكورية اقصد ان رئيسها ذكر, وهدفها وغايتها لارضاء الغرور والكبرياء الذكوري.
الانبياء ذكور, الملوك القدماء ذكور, حكام العالم الحالي ذكور, السطوة في المجتمع للذكر, للحاكم للوزير للاب للاخ وهكذا دواليك.
يقول البعض ان العصر الحالي عصر النساء, لا استطيع ان افكر باقوى ردة فعل استهزائية على هذه المقولة, لان الحقيقي والبديهي ابعد ما يكون عن سلطة النساء. الاعتراف بالنساء ودورهن ما يزال في بداياته وتطوراته البطيئة. فمقولة كهذه وغيرها الكثير مثل " ظل زلمة ولا ظل حيطة " و " ما بجيبها الا رجالها ". نستخدمها كل يوم, حتى نحن النساء نستخدمها بلا وعي بمعناها القذر, كأن تقوم امرأة بانجاز رائع ونقول انها أخت رجال. اي امتلاكها لاخوة رجال هو ما صنعها وحفزها وهو الجذر الاساسي لنجاحها, وليس قدرتها وذكائها وعنفوانها الخاص بها.
مقولة الرجل لا يعيبه شيء دمرت وقتلت الكثير من النساء كل يوم في كل البلدان. أن تقوم امرأة بفعل يقوم به الرجل بشكل طبيعي يوميا, السهر خارجا لوقت متأخر, الخروج مع صديقها او حبيبها, ان تسافر وحدها, ان تعمل في اعمال شاقة, ان تقبّل ان تحضن ان تسلم باليد ان تتغدى ان تتعشى ان تفطر خارجا ان ترتدي ما تريد ان تقص شعرها بالشكل الذي تريد مهما كان مختلفا. كل هذه الافعال قد تودي بحياتها بشكل حرفي, حتى ان تدلي برأيها بين الرجال قد يودي بحياتها في بعض المجتمعات.
عام 2016, خلال اسبوعا واحد تم قتل خمس نساء. في كل سنة يتم التبليغ عن 15 الى 20 حالة قتل للنساء في الاردن بمسمى " جرائم الشرف" التي أود ان اسميها جرائم الانحطاط. انحطاط السلطة الرجولية وتمسكها بخناق النساء والتحكم بحياتهن وطلوعهن وخروجهن وتنفّسهن. وفقا لجمعية معهد تضامن النساء الاردني فان زيادة جرائم الشرف عام 2016 تصل نسبتها الى 53%.
(1)نشهد الكثير من هذه الحالات التي على وشك ان تنقلب الى جريمة قتل, حالات التفرقة العنصرية بين الرجال والنساء, احقية الرجال بأمور لن يحلم النساء بامتلاكها الا بشق الانفس. في حالة عائلية قريبة جدا مني, يحق للشاب العمل في فندق عالمي, ولكن لا يحق للانثى ذلك, هذا الشاب الذي عمل في فندق في بداية حياته العملية, اصبح الان مزدهرا وتفتحت امامه الابواب, لماذا؟ لان الرجل قادر,لان الرجل لا يعيبه شيء حتى لو عمل في مكان مليء بالاجانب والمسكرات والحفلات الليلية, في المقابل ان توفرت فرصة العمل نفسها لفتاة, فلن يتاح لها اصلا التفكير في اعتبار الموضوع حتى لو كان مفتاح الامل والنجاح في هذه الوظيفة, ولكن ان تشتغل امرأة في فندق؟ بين الرجال والخمور؟ لا والف لا, فهذا عار وعيب.
ان تقبل امرأة حبيبها او تخرج مع صديقها فهذا عار يستوجب القتل, اما ان يخرج الرجل مع عشر نساء, ينام معهن جميعهن فهذا طبيعي, هذه هي طبيعة الرجال وفطرتهم وهذا هو اسلوب حياتهم, لا يعيبهم شيء, بل ويتم تشجيعهم عليه والتفاخر به, واعطائه القاب فخر كالدون جوان وساحر النساء ومحطم قلوب العذارى.
هذا المثل وغيره من الامثال كارهة النساء ومقدسة الرجال, هي اسلحة ضدنا نحن, اسلحة ملغمة وجاهزة لقتلنا وتحطيمنا وتفكيكنا واضطهادنا وزرع الرعب فينا, يجب ان نتوقف عن استخدامها واستخدام اي كلمات معادية لجنسنا, كأن نقول اخت رجال, فالنستبدلها بامرأة قوية, امرأة عظيمة, أخت نساء, ولنتوقف عن تشبيه الرجال بالنساء في سبيل السخرية منهن, كان نقول مثلا هذا يمشي كالبنات, وكأن مشية البنت فيها عيب وعار, او ان نقول ان فلان لا يستطيع رفع الاثقال والقيام بالامور الشاقة كالنسوان, علينا ان نتوقف عن تدمير انفسنا نفسيا غير منتبهين لتأثير هذه الكلمات كالبكتيريا.
Recorded ‘Honor’ Killings on the Rise in Jordan | Human Rights Watch (hrw.org)