ما رأيك بالبنية الدرامية في أغنية أنا وليلى لكاظم الساهر وفيديو الكليب؟

1 إجابات
profile/تسنيم-شلبي
تسنيم شلبي
بكالوريوس في الكيمياء (٢٠١٣-٢٠١٧)
.
٠٩ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 أنا وليلى، أغنية القيصر كاظم الساهر، وأول أغنية عربية تدخل قائمة أفضل 10 أغاني حول العالم، وتم إنتاجها في العام 1998، من كلمات الشاعر حسن المرواني، والحان وغناء كاظم الساهر.

قبل أن أتعمّق في تفاصيل ما جاء في الأغنية والفيديو كليب، يجب القول بأن كتابة القصيدة كاملًة في قافية واحدة ووزن واحد، والثروة اللغوية العظيمة التي بها، والتشبيهات،واعتماد مقام الكُرد (للتعبير عن الحزن) في لحنها، كلها أمور كانت من أهم أسباب نجاح تحويلها لأغنية وقعها سهل وجميل على الأذن.

سوف أقسّم الأغنية لثلاثة أجزاء رئيسية؛ حتى تستطيع تتبعها بشكل مناسب

الجزء الأول (0.00 - 3.54)
تبدأ الأغنية في شرح العشق الذي يُغلّف قلب الكاتب لمحبوبته ليلى، حتى أنّه وصف عيناها بالمحراب وهو المُصلّي الذي لا يتبع شيئًا غير عيناها، وكيف أن رفضها المُستمر له جعله في يأس وقنوط من حبها، وأعلن انهزامه واستسلامه لشدّة ما اعتصر قلبه من هذا الحب، وكيف أن رحيلها عنه، وهجرها له قد جعل ألوان حياته تختفي، وشغفه اتجاه الحياة يبهت شيئًا فشيئًا حتى لا يعود موجودًا.

في هذه الأثناء نرى كاظم الساهر في الفيديو كليب (باعتباره الكاتب) وكأنما يستدعي مشاهِد من ذاكرته، ونُلاحظ كيف أن مشاهِد الكليب في الماضي تكون ملونة، وفي الحاضر تكون بلا ألوان، وكما نراه يبحث في أعين الناس من حوله بحثًا عن عيناها، ولا يهدأ حتى يجدها، وقد قام بتجسيد ذلك بأفضل ما يمكن.


الجزء الثاني (3:55 - 7:13)
ولا تنتهي مأساته هنا؛ بل يبدأ في عتاب محبوبته لأنها ذهبت وراء مظاهر البهرجة الكاذبة، وتركته مُمزقًا ومكسور القلب لأنه لا يملك من المالِ والجاهِ ما تراهُ مُناسبًا لها، ويستمر في بوح أحزانه ومعاناته بأنّها ليست الجرح والخيبة الوحيدة في حياته، بل إنّ حياته بأكملها مكوّنة من الجراح والعذاب، ومن شدّتها لم يعُد يُبالي، وكيف أنّه يُعاني من الحرمان (العاطفي والمادي) مُنذ نشأته، وكتمانه معاناته في قلبه، واستمراره في حياته دون أن يظهر شيئًا للآخرين.
 
نستطيع رؤية "ليلى" في الفيديو كليب هنا وهي تبتعد رويدًا رويدًا عن محبوبها، وتذهب وراء الملابس الراقية، والمجوهرات الثمينة، والسيارات الفارهة (مظاهر البهرجة الكاذبة) مع رجل آخر غني، وتتركه وحيداً يُجابه الحياة بخيبة. وفي مشهد تراجيدي نرى تحوّلها من إنسانٍة سعيدٍة في المستوى الرفيع الذي تعيش به، وكيف تبدأ مظاهر البهرجة في الزوال عنها مع سعادتها، حتى تُصبح حزينة ومهمومًة وهو ما يتزامن مع البيت الشعري
" خانتْكِ عيناكِ في زيْفٍ وفي كَذِبٍ
أمْ غرّكِ البُهْرُجُ الخدّاعُ مولاتي"


علي التوقف هنا قليلًا للتأكيد على عظمة ما قدّمه لنا كاظم الساهر في المشهد السابق.


الجزء الثالث ( 7:14 - النهاية)
يبلُغ الكاتب ذروة الصبوة عندما يصف كيف أنّه ترك كل حياته مقابل أن يكون مع محبوبته، وترك سعادة الدُنيا مقابل أن يكون سعيدًا معها، حتى لو كان ذلك سوف يؤذيه، وردت له ذلك بأن كسرت قلبه، وسحبت أوردته من جسده حتى جف جسده -مجازيًا-، وأصبح غريبًا وحيدًا في هذه الدنيا، ويُلقي اللوم على محبوبته في كل هذا، ويحملّها مسؤوليته.

في الفيديو كليب يكون كاظم الساهر متعلّقا في محبوبته ويراها في كل تفاصيل حياته،وكيف أنّه جعلها محور حياته، وأساس ما بنى عليه حياته، ولكنها تختفي تدريجيًا وكأنها وهم! وهو ما أصبح يراها عليه بعد ما ألمّ به من غدرٍ وخداع، وتدميرٍ في حياته. وكما يبدأ المشهد بتحول اللحن لمقام الصَبا قبل هذا الجزء من الأغنية، وهو ما جعلني أشعر بالقشعريرة بكل مرة أسمع بها الأغنية.

العزف والألحان
ولم يكُن هذا العزف الوحيد المُميز في الأغنية؛ بل من بدايتها في عزف مقطوعتين من الكمنجة في ذات الوقت، ومن ثم يليها مقطوعة بيانو تطرب لها الآذان، ومن ثم نستمع للعزف على السكسافون يُدخلنا في حالة حزن عميقة قبل أن يبدأ كاظم في غنائه الشجي.
لا شك بأن كاظم الساهر استطاع التنقُّل بين المقامات، والطبقات بما يتناسب مع كل مقطع من هذه الأغنية؛ حرصًا على أن تصل جميع المشاعِر للمُستمع كما يجب.


 * معلومة إضافية
القصة وراء هذه الأغنية
كان لها تأثيرًا كبيرًا على شهرتها، فقد سمع كاظم الساهر أبيات من الشعر الذي كتبه حسن المرواني، ولم يكن هناك أثر للشاعر، وذهب في رحلة بحث طويلة عنه حتى وجده وعرف منه أنّه كتب قصيدة شعرية مكونة من أكثر من 300 بيت، وقد كتبها بعد أن تفاجئ في سنوات دراسته الجامعية، أن الفتاة التي يُحبها "سندس" قد ارتبطت برجُلٍ آخر، ومن هول صدمته فقد تغيّب أيام عدّة عن جامعته وفرّغ كلّ مشاعره وأشجانه في هذه القصيدة، ومن الجدير بالذكر أنّه لم يكتب أي قصيدة غيرها طوال حياته. 
 

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة