مسلسل مقامات العشق مسلسل سوري من إخراج أحمد إبراهيم أحمد، وإنتاج مفيد الرفاعي (تلفزيون أبو ظبي) في 2019، وهو مسلسل درامي/ تاريخي يروي سيرة محي الدين ابن عربي؛ واحد من أكبر المتصوفين ويُلقب في الشيخ الأكبر (إضافة للعديد من الألقاب الأخرى مثل البحر الزاخر، وسلطان العارفين)، ودعوته إلى الإسلام المعتدل، ويتناول في طياته قصة العشق الشغوف بين علي بن أبي عربي وست الحسن (كرونيكا).
لا بُد من القول أن المسلسل كان خيبة كبيرة في ما يتعلق بسيرة محي الدين ابن عربي؛ فهو لم يتناول أي من صراعات ابن عربي السياسية أو العقائدية في العصر الإسلامي بشكل كافٍ، وحتى جوانب حياته الروحية، ونظرته الصوفية لم تُمنح حقها ولم يتناولها كما يجب أوكما ذكرها ابن عربي في كتاباته.
كما أن المسلسل لم يُقدّم شخصية ابن عربي كما يجب للجمهور، وربما يعود ذلك للحبكة الثابتة التي لم تتغير من بداية المسلسل حتى نهايته، وكانت خالية من التشويق ومن القصص الفرعية، مما جعل المسلسل بسيطًا وسهلًا لا يتناسب مع سيرة ابن عربي، بالإضافة لأنه لم يتطرّق لموضوع تكفير ابن عربي بسبب آرائه وتصوّفه، والهجوم الذي تم على أعماله وكتبه بعد وفاته.
من نواحي أخرى قام المسلسل بإعادة إحياء المسلسلات الدينية التاريخية على الشاشة العربية، وهو شيء لم نعد نراه إلا نادرًا، وأضاف لنا الكاتب قصة حب جميلة بين ست الحسن وشيخ الصالحين لم يتم ذكرها في التاريخ، ولكنها أضافت الكثير من اللطافة والرقّة على أحداث المسلسل التاريخي؛ كأنّها دقائق من للراحة والطمأنينة في ساعات من التوتر.
أمّا فيما يتعلّق في الأزياء، والمكياج، والديكور، والموسيقى، والتصوير، والإنتاج، فقد قدّم لنا صُنّاع المسلسل آداءً لا تشوبه شائبة، ولا يسعني سوى قول "شابوه" على هذا العمل الرائع، ولا أجد أي ثغرة بها تستحق النقد.
يجب الإشادة في أداء الممثلين عموماً واتقانهم أدوارهم بشكل مُذهل، وخصوصاً نسرين طافش (ست الحسن)، ويوسف الخال (علي ابن عربي)، ومصطفى الخاني (الشيخ حامد)، فقد تقمصّوا الشخصيات بشكل مثالي بناءً على السيناريو الذي قُدّم لهم، ونُطقهم للغة العربية فصحيًا وجميلًا؛ فلو كنا في مسرحًا لوقفت أصفق لهم في كل مشهد بلا تردد.
من الجدير بالذكر أن مما زاد قيمة هذا العمل الفني هو مشاركة ثُلّة من كبار المُمثلين فيه، مثل لجين اسماعيل، وقمر خلف، وسارة فرح، ومحمد حداقي، ونادين خوري، ونادرة عمران، وجهاد سعد، ووسيم قزق، ومروة الأطرش، وزيناتي قدسية.
في الختام يُعتبر المسلسل عملًا فنيًا وسينمائيًا رائعًا، وقدّم لنا الحب بشكل لم نعهده من قبل، وكان ليكون مثاليًاً لو تم ذكر سيرة ابن عربي بالشكل الصحيح.