ما درجة صحة حديث (ما بعث الله نبيا إلا راعي غنم) ولماذا اختصت الغنم دون الإبل والبقر

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٧ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
الحديث صحيح وأخرجه البخاري ، فعن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما بعَث اللهُ نبيًّا إلَّا راعِيَ غنَمٍ" قال له أصحابُه: وأنتَ يا رسولَ اللهِ؟"، أي: أنت أيضًا رعَيْتَها؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "وأنا، كنتُ أرْعاها لأهلِ مكَّةَ بالقَراريطِ".
فيستفاد من هذا الحديث :

- بيان تربية الله لأنبيائه، وإعدادهم لتحمل الرسالات.
- بيان تواضع النبي صلى الله عليه وسلم لربه، والتصريح بمنته عليه وعلى إخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء.

- قال الحافظ إبن حجر في الفتح: لأنهم إذا صبروا على رعيها, وجمعها بعد تفرقها في المرعى، ونقلها من مسرح إلى مسرح، ودفع عدوها من سبع وغيره كالسارق، وعلموا اختلاف طباعها, وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة، ألفوا من ذلك الصبر على الأمة، وعرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها، فجبروا كسرها, ورفقوا بضعيفها, وأحسنوا التعاهد لها، فيكون تحملهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة؛ لما يحصل لهم من التدريج على ذلك برعي الغنم, وخصت الغنم بذلك لكونها أضعف من غيرها، ولأن تفرقها أكثر من تفرق الإبل والبقر لإمكان ضبط الإبل والبقر بالربط دونها في العادة المألوفة، ومع أكثرية تفرقها فهي أسرع انقيادًا من غيرها .

- فالحكمة من رعي الأنبياء للغنم وليس الإبل أو البقر تتجلى في النقاط التالية :
1- تدريب على سياسة أمور الناس، وتأهيل الأنبياء والرسل على تبليغ الرسالات قبل إرسالهم.

2- الراعي يختار المكان المناسب لرعي أغنامه - حيث يوفر العشب والماء وإيرادها أفضل مواردها، واختيار المسرح والمراح لها ، وكذلك رعاية مصالح العباد تتطلب ذلك .

3- كذلك الراعي دائماً يتفقد غنمه فيقوم بجبر كسيرها، ويرفق بضعيفها، وهذا مثالاً لرعاية العباد .

4- رعي الغنم يدل على التواضع وكذلك رعاية الأمة بحاجة إلى تواضع من ولي أمرها .

5- رعاية الغنم تعود الراعي على الخلوة والتفكر في مخلوقات الله تعالى في السماء والأرض - وهذا ما كان عليه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

6- رعاية الغنم تعلم الراعي سكون القلب ورقته ورأفته وتلطفه ، فإذا انتقل من ذلك إلى رعاية الخلق كان قد هذب أولًا من الحدة الطبيعية والظلم الغريزي، فيكون في أعدل الأحوال.

7- مما ثبت علمياً ونفسياً بأن مخالطة الحيوان تؤثر في النفس, وتعدي إليها هيئات وأخلاقًا تناسب طباعها وتلائم أحوالها، كما أن الصحبة تؤثر في النفس، ولعل هذا أيضًا وجه الحكمة في أن كل نبي رعى الغنم.

8- رعاية الغنم تتطلب من الراعي دفع العدو عن غنمه وكذلك رعاية العباد بحاجة إلى ذلك .

9- رعاية الغنم تعود النفس على الصبر والحلم والتحمل والشفقة وجمع المتفرق والبعيد ، وكذلك رعاية الأمة بحاجة إلى ذلك الصبر .

10- وخصت الغنم بالحديث لكونها أضعف من غيرها، ولأن تفرقها أكثر من تفرق الإبل والبقر لإمكان ضبط الإبل والبقر بالربط دونها في العادة المألوفة، ومع أكثرية تفرقها فهي أسرع انقيادًا من غيرها

- وعليه :
فكانت حكمة الله تعالى أن يتدرب الأنبياء والرسل بداية على رعي الغنم ليكون تحملهم وصبرهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كُلفوا بالرسالة من أول يوم - فهذا التدرج من رعي الغنم كان لحكمة ربانية في وقت لاحق - من رعاية الأمم والسيادة في الأرض للوصول إلى أستاذية العالم كما وصل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله وصحابته رضوان الله تعالى عليهم خلال ثلاثة وعشرين سنة فقط !!

- وننبه هنا : أن رعاية الغنم من قبل الأنبياء مع المهن الأخرى التي كانوا يعملونها كالخياطة والتجارة والحدادة والنجارة وغيرها - دليل قاطع على تعلم هذه المهن وإتقانها ليس عيباً - بل دافع للشباب اليوم المتعطلين عن العمل أن يبادروا بهذه الأعمال وغيرها ولا يتنظروا الوظيفة التي قد يستغرق الحصول عليها انتظار السنوات الطويلة !!!