الحديث مروّي عن ابن إسحاق -رحمه الله- قال: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام على باب الكعبة فقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، أَلا كل مأْثرة أو دم أو مال يدّعى فهو تحت قدميّ هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج... " ثم قال: "يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء"
حديث ضعيف، ضعّفه بعض أهل العلم، منهم الشيخ الألباني -رحمه الله- في كتابه (سلسلة الأحاديث الضعيفة (308 /3)، بقوله: "وهذا سند ضعيف مرسل. لأن شيخ ابن إسحاق لم يدرك أحدًا من الصحابة، بل هو يروي عن التابعين وأقرانه، فهو مرسل أو معضل".
بالتالي فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ثبتت في السنة تسمية "الطلقاء" على من أطلق عنهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من قريش يوم فتح مكة، لما ورد عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ أَوْلِيَاءُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَالطُّلَقَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالْعُتَقَاءُ مِنْ ثَقِيفٍ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (الهيثمي، مجمع الزوائد، 10/19).
في مقابل ذلك، أعطى النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة مثالًا في العفو والرحمة، لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال يوم الفتح: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن". رواه مسلم
وبذلك أمّن النبي صلى الله عليه وسلم على قريش يوم الفتح، رغم كلّ الأفعال والأذى الذي تسببوا فيه للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللمسلمين قبل الهجرة، بهدف محاربة الدعوة ومحاربة هذا الدين، الذي جاء لهدم الأعراف والعقائد الفاسدة واقرار الاعراف التي توافق شريعة الله تعالى ودينه على هذه الارض، ليعطي النبي -صلى الله عليه وسلم بذلك لرحمته ورحمة الدين الاسلامي وعدله، ليدخل بعد ذلك عدد كبير من مشركي قريش في الاسلام، فذكر ابن حجر -رحمه الله- في كتابه (التهذيب 62/5)، أنه "لم يبق أحد من قريش بعد الفتح لم يُسلِم".