ما الفرق بين يحبكم ويحببكم في القرآن الكريم

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٨ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
قال الله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) آل عمران (31)

فالفرق بين يحبكم وبين يحببكم هو:
يحبكم: يرضى عنكم ويتلطف بكم، فمحبة الله تعالى تعني الإيمان به حقاً وتنفيذ جما ما أمر به ونهى عنه.
يحببكم: تأتي بمعنى يثيبكم ويغفر لكم ذنوبكم ويجازيكم على الإحسان أضعافه.
- فأهل اللغة يقولون الزيادة في المبنى دليل على الزيادة في المعنى، وعليه: فكلمة يحببكم فيها مبالغة في حب الله تعالى لكم ورضاه عنكم وأنه يثيبكم أضعاف ما تقومون به من المحبة الحقيقية لله تعالى من خلال التطبيق العملي لهذا الحب وهو اتباع وتطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم في واقع الحياة.

- وكلمة قل (التلقينية) دليل قطعي على أن القرآن من عند الله تعالى، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الأمر وبلغ المأمور به، مما يدل على أنه مبلغ عن الله بكل ما بلغه من الله تعالى.

  • فالدعوى إلى محبة الله تعالى بدون اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم فهي دعوة باطلة، فالطريق إلى حب الله تعالى الحقيقي هو بإتباع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وتطبيق سنته في واقع الأمر، وهذا يدل على أنهم جعلوا حب الله تعالى شيء واتباع التكاليف الشرعية شيء آخر.
  • ومما لا شك فيه أن حب الله تعالى يكون كذلك بتنفيذ جميع ما أمر به والانتهاء عن جميع ما نهى عنه، والتقرب إلى الله تعالى بالنوافل طريق لمحبته ورضاه ففي الحديث القدسي (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه.... الحديث) 

  • أما عن كيفية زيادة حب الرسول في قلوبنا يكون بما يلي: 
1- كثرة الصلاة عليه، ففي الحديث الشريف (من صلى عليه صلاة صلى الله بها عليه عشرا).
2- تعلم سنته وتطبيقها ونشرها والذود عن حياضها.
3- امتثال جميع أوامره واجتناب كل نواهيه.
4- اتباع سنته والبعد عن أي بدعة ففي الحديث (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).
5- تعليم سنته لأهل البيت وتطبيقها في المأكل والمشرب والملبس والنوم والعمل وفي كل شؤون الحياة.

- ومن أجمل القصص التي تروى لنا عن محبة النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رحلاً بثلاثة عشر درهماً، فقال أبو بكر لعازب: مُر البراء فليحمل إليَّ رحلي، فقال عازب: لا، حتى تحدثنا: كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة، والمشركون يطلبونكم؟ قال: ارتحلنا من مكة، فأحيينا، أو: سرينا ليلتنا ويومَنا حتى أظهرنا، وقام قائم الظهيرة (اشتد الحر)، فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه، فإذا صخرة، أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته، ثم فرشت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه، ثم قُلت له: اضطجع يا نبيَّ الله، فاضطجع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب (الذين يبحثون عنا من المشركين) أحداً، فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا، فسألته فقُلْت له: لمن أنت يا غلام؟ قال: لرجل من قريش، سماه فعرفته، فقُلْت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قُلْت: فهل أنت حالب لبنا لنا؟ قال: نعم، فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال: هكذا، ضرب إحدى كفيه بالأخرى، فحلب لي كُثْبة (قليل) من لبن، وقد جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فانطلقت به إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ، فقُلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت، ثم قُلْت: قد آن الرحيل يا رسول الله؟ قال: بلى. فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحَدٌ منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقُلْت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، فقال: لا تحزن إن الله معنا) رواه البخاري.