تظهر أهمية دور الأب في بناء الأسرة وتماسكها بما يقوم به من دور التربوي داخل الأسرة، يشير د. ديفد بوينو أستاذ علم الاجتماع إلى أن الآباء لهم دور كبير في في بناء الأسرة وتماسكها من خلال ما يوفره من حماية وقدوة ذكورية للأبناء، حيث يختلف الأب عن الأم في أسلوب التربية، وحسب الدراسات فإن ما يقدمه الأب من دور تربوي يساعد على نمو الأطفال بشكل صحي وجيد، يوفر الأب للأبناء من خلال دوره التربوي التجربة التي تنطوي على المغامرة والمخاطر لطبيعية التكوين الذكوري مما يوفر للأبناء المرور بخبرات متنوعة تختلف عن الخبرات التي تقدما الأم، مما يعني تنمية جوانب النمو لدى الأطفال بما يكسبهم الثقة والمسؤولية، والشعور بتقدير الذات.
ويشير د. بوينو أن الأب ومن خلال دوره التربوي يؤكد على القواعد والعدالة والإنصاف والواجب في الانضباط، مما يوفر لأبناء تعلم مواضيع الصواب والخطأ، وبتالي يوفر الأب للأبناء خبرات تساعدهم على الاستمرار في الحياة لاحقًا بشكل صحيح بعيدًا عن الانحراف السلوكي باختلاف أشكاله وأنواعه.
وللآباء دور في التواصل المفاهيمي الذي يساعد الأبناء على توسيع مداركهم وقدراتهم الفكرية ومفرداتهم اللغوية، وهذا الدور يساعد أفراد الأسرة وخاصة الأبناء على تعلم واكتساب أسس الحوار السليم الذي يحافظ على نسبة من الأمان والتفاهم والتماسك بين أفراد الأسرة عن طريق التوصل لحلول وسطية ترضي الجميع.
وأشارت دراسات مختلفة بأن دور الأب التربوي له أثر كبير على تماسك الأسرة وهو السبب في شعور الأبناء بالرفاهية، وسبب لتقليل شعور الأطفال بالإحباط، وسبب لتعزيز كفاءات حل المشكلات والاستقلالية لدى الأطفال، وكل هذه الأمور أساس وجود أسرة متماسكة خالية من المشكلات والانحرافات السلوكية.
كما للأب دور بتوفير الحماية الاقتصادية للأسرة بشكل عام (بحيث تشمل هذه الحماية كافة الجوانب الصحية والتعليمية والجسدية) ومن خلال هذا الدور فهو يوفر للأسرة وللأطفال الأساس للشعور بالرضا والأمن، وتوفير الحماية الاقتصادية من الأب سبب في الحفاظ على العلاقة الأسرية بينه وبين الزوجة وبين الأولاد، لأن عدم توفير الحماية الاقتصادية سبب في حدوث مشكلات كثيرة قد ينتج عنها: الطلاق، وتطور سلوكيات عدوانية ومنحرفة لدى الأطفال من مثل السرقة، والاعتداء على الآخرين بقصد الكسب، سبب في التسرب المدرسي، وتدني التحصيل الدراسي، فانعدام الأمن الاقتصادي يعني انعدام الأمن النفسي لكل أفراد الأسرة.
وتشير دراسات إلى أن العلاقة الأبوية المشتركة مع الأبناء والزوجة سبب في خلق بيئة عائلية منسجمو يتوفر فيها علاقة آمنة بين الأطفال والأب حيث توفر هذه البيئة نمو صحي للأبناء, بعيدًا عن الاضطرابات الصحية والنفسية والجسدية.
وحسب الدراسات فإن الأطفال الذين لديهم آباء شديدو المشاركة في الأسرة أظهروا نتائج إيجابية في السلوك الاجتماعي والعاطفي والسلوكي والمجالات المعرفية التعليمية مما يعني بناء أسرة تتسم بالسوية وبعيدة عن التفكك والاضطرابات.
ومن وجهة نظر شخصية أرى أن دور الأب وما يقوم به من مسؤوليات يشكل دعم كبير للأم مما يعني توفير جو صحي بعيد عن الشعور بالضغط والتوتر والقلق، كما يعني انخفاض نسبة المشكلات الزوجية بما يحقق مصلحة الزواج وبناء الأسرة وتماسكها. فدور الأب، سبب في وجود الأمن الاقتصادي والصحي والنفسي للأسرة بشكل عام, وهذا لا يعني أن الأم لا توفر أو غير قادرة على توفير هذا الأمن إلا أن الدور الاجتماعي للأب يتطلب منه أن يوفر ويتحمل هذه المسؤولية كأولوية، وبتوفير هذا الأمن ينتج الاستقرار الأسري، القائم على أسس متينة بعيدًا عن أي نوع من أنواع التفكك أو المشكلات الأسرية التي تؤثر على الأبناء وسلوكياتهم.
المصدر:
- dss.gov.au/Engaging fathers in child and family services
- focusonthefamily.com/THE SIGNIFICANCE OF A FATHER’S INFLUENCE