تمكننا دراسة الفخار من التعرف على الحضارات والثقافات التاريخية، إذ تتسم القطع الفخارية بمتانتها وصمودها لفترات زمنية طويلة للغاية، في حين تتخرب المجسمات أو الأغراض المصنوعة من مواد أخرى أكثر هشاشة وعرضة للتأثر بالظروف المحيطة مما يطمس ملامحها بالكامل فيموت معها تاريخ صانعيها. وعند دراسة القطع الفخارية من حيث شكلها وطريقة تصنيعها وأماكن وجودها في سياقها التاريخي بالاستعانة بجميع المعلومات والإثباتات الأخرى، نتمكن من وضع نظريات حول التنظيم الاجتماعي والأوضاع الاقتصادية والملامح الثقافية للمجتمعات القديمة التي أنتجت الفخار أو اقتنته. كما تسمح دراسة الفخار باستنباط معلومات ترسم صورة الحياة اليومية في تلك الثقافات، والديانات السائدة، والعلاقات الاجتماعية، والصلات مع الشعوب المجاورة، بالإضافة إلى التقدم العلمي الحاصل في تلك الحضارات. هذا وتتحلى الدراسات الزمنية المعتمدة على الفخار بأهمية خاصة، لكون العديد من المجتمعات القديمة أمية لا تعرف الكتابة، وهي تفيد أيضاً في توثيق الثقافات التي بزغت في الحقب التاريخية المعروفة. كما تمكن العلماء عن طريق دراسة قطع فخارية تعود إلى قبل تدوين التاريخ المكتوب (بالاستعانة بتقنية التنشيط النيوتروني) من تحديد الحالة الدقيقة للحقل المغناطيسي الأرضي في لحظة إنشاء الفخار، وذلك من خلال دراسة المواد الحديدية المحفوظة في الطين، بالإضافة إلى وضع تقديرات تحدد زمن صناعة القطع الفخارية.