عُرفت مدينة أفاميا منذ العهود القديمة بتسميات متنوعة حيث تخبرنا بعض المصادر أنها سميت "بيلا" لفترة مؤقتة بعد بسط الإسكندر المقدوني سيطرته عليها. أعيد تأسيس المدينة في عهد الملك سلوقس الأول وسميت "أفاميا" تيمناً باسم زوجة ذلك الملك، حيث تميزت المدينة بموقعها الفريد على مقربة من ضفاف نهر العاصي. أصبحت أفاميا مركزاً اقتصادياً هاماً لسك النقود في العهد السلوقي. أعقب ذلك قيام القائد العسكري الروماني بومبيوس بتدمير حصون المدينة في القرن الأول قبل الميلاد، وغدت أفاميا في عام 63 ق.م. جزءاً من محافظة سوريا الرومانية. هذا وقد اتسعت المدينة ليبلغ تعداد سكانها بعد ميلاد السيد المسيح ببضعة أعوام حوالي 500 ألف إنسان يقطنون ضمن الحدود الإدارية للمدينة ومحيطها حسب الإحصائيات السكانية التي أجريت في ذلك الوقت، وقد كانت تعتبر حينئذٍ أحد أهم المراكز الحضارية في المشرق. احتضنت أفاميا في العصور القديمة المتأخرة مدرسة فلسفية شهيرة، كما أنها تضمنت مضماراً كبيراً مخصصاً لسباق الخيول الذي كان يعد من المظاهر الثقافية الشائعة عند الرومان. بعدئذٍ مرت أفاميا بحقبة من الزمن تناوبت فيها الإمبراطوريتان الرومانية والفارسية السيطرة عليها، مما دفع الإمبراطور الروماني جستينيان لتعزيز تحصيناتها. من أهم المعالم العمرانية في أفاميا في العهد الروماني: صف طويل من الأعمدة الشامخة يتجاوز طوله 2 كم، بالإضافة إلى مسرح روماني ضخم يتسع لما يزيد عن 20 ألف متفرج ويرجع تاريخ تأسيسه إلى العهد الهلنستي. أصبحت أفاميا جزءاً من الحضارة العربية الإسلامية منذ القرن السابع للميلاد، وبقيت معالمها الأثرية لتحكي لنا قصة التاريخ المنصرم لبلاد الشام.