حسنًا! دعنا نسترجع الأحوال في القرن الثامن عشر، وبخاصة الأوضاع الصحية والتجهيزات الطبية. فقد كانت المعرفة الطبية بسيطة وأساسية، مع تحسن تدريجي في تقديم الخدمات الطبية -في أواخر ذلك القرن-. إلا أنّ بعض الأمراض البسيطة قد تفتك بالناس أو تحدث جائحات. كانت الحالة المعيشية تزداد سوءً، بسبب انتقال السكان نحو المدن، و مع محاولة الحصول على مساكن رخيصة، زادت التجمعات في البلدات الفقيرة. وتم استئجار البيوت الرطبة القديمة، أو الأقبية المتداعية المتعفنة، دون وجود صرف صحي أو هواء نقي. وشرب الناس المياه الملوثة لعدم توفر المياه الصالحة للشرب، مع تراكم النفايات وتركها لتتعفن دون إزالة. بالإضافة لحدوث مشاكل في التخلص من جثث الموتى المتراكمة.
ومع انتشار العديد من الأمراض، أصبح تشخيصها صعبًا ، وكانت معالجتها تقتصر على استخدام أدوات جراحيةٍ بسيطة قديمة، ومعظم الجراحات كانت لبتر العضو المصاب. إنّ إصابة الجروح بالعدوى كان أمرًا عاديًا لعدم توافر مواد التعقيم.
كان يسمح للحلاقين بالعمل كبديلٍ عن الأطباء لإجراء العمليات الجراحية، وتجبير الكسور، وإزالة الكلى، ووخز الدمامل. وكانت المستشفيات تقدم الرعاية الأساسية للحوامل والأطفال، والفقراء والبحّارة والجنود والمسنين فقط. كانت الأمراض المعدية منتشرة بشكلٍ صارخ؛ مثل الكوليرا والتيفوس. وأخطرها كان الجدري. الذي تم اكتشاف لقاحه أواخر القرن التاسع عشر من قبل إدوارد جينر.
لنتخيل الوضع الحقيقي لو انتشر فيروس كوفيد-19، ستكون نسبة الوفيات عالية؛ بسبب قلة المعدات الطبية، ونقص عدد الأطباء والمستشفيات. سينتشر المرض بسرعة فائقة، في ظل الفقر والعوز. كما أن الكثير سيتوفى لعدم وجود أجهزة التنفس، أو حتى بأبسط الأحوال الكمامات. تكدس السكان في المناطق الفقيرة الرطبة سيجعل من الأمر كارثيًا بامتياز، بسبب الاختلاط والعادات المجتمعية التي تشجع على التجمعات. ومع وجود العادات غير الصحية، وعدم توفر المساكن الصحية، والمياه النقية، سيفتك المرض بالملايين.
كانت هذه الجائحة ستنافس جائحة الإنفلونزا الإسبانية في حصد الأرواح. ولربما قتلت الكثير الكثير على مستوى القارات بل العالم أجمع، دون إيجاد لقاحٍ مناسبٍ أو حتى طرق للتخفيف عن المصابين.
فعلًا كوفيد-19 كان سيصبح طاعون العصر في القرن الثامن عشر.
ولا تنس، ابقَ بأمان، ارتدي كمامتك، والتزم بالتباعد الاجتماعي.
المراجع: