لماذا يقال لا تسالوا الطيور لماذا غادرت أعشاشها بل اسأل الظروف التي أجبرتها علي الرحيل؟

 لقد قال أحد الراحلين:
(لا تسألوا الطيور لماذا غادرت أوطانها، بل أسألوا الظروف التي أجبرتها على الرحيل).
 عبر هذا الراحل برأيي من خلال كلماته عن ما أجبر أجنحته للطيران بعيدا عن وطن ربما كان يجسد روحه. 
في اغلب الاحيان قد تدفعنا الظروف إلى أن نغادر اعشاش الواقع مجبرين، كالطيور المهاجرة في أحد فصول السنة الباردة، ومع أول خطوة نخطوها في هذا الطريق نجد السبل وراءنا تتفتت كجبال من الرمال الناعمة، ويبقى سبيل الرحيل المرصع بحجارة الفراق هو المسار الوحيد أمام خطواتنا المرتجفة، قد يكون الرحيل هو السبيل الوحيد للأمل بعد سنين عجاف يتخللها اليأس.
قد نغادر قلوبا احببناها، او قد نغادر اراضي ولدنا وترعرعنا في أحضانها، وقد يكون الرحيل هو السبيل الى الحياة. 
إن هذه المقولة برأيي تعبر بشكل واضح عن واقع اللاجئين في البلدان التي حجبت الحروب شمسها، و استباحت أرضها، وجعلت من الخراب و الدمار أصواتا تنعق بها الغربان عند ملامستها للرياح المحملة برائحة الموت، في هذه الأوضاع كان الرحيل هو السبيل الوحيد أمام هؤلاء البشر للهروب من شبح الموت الذي يسكن ارجاء اوطانهم، ويهدد دوافع البقاء الفطرية التي خلقت مع أرواحهم، فما كان أمامهم غير أن يسلكوا طريق الهجرة و يتخذون من البحر الغدار ملاذا لارواحهم الضائعة، مع انهم متأكدين بأن الغرق ينتظرهم على ضفاف الامل الذي يسكن احلامهم.
ان الظروف هي من أجبرت هؤلاء البشر على مغادرة اوطانهم مما جعل لقب اللاجئ يقترن باسمائهم، بحيث انهم اضطرو تحت ظل القسوة و الالم الى الهروب من بلادهم للنجاة، بدون ان يحملو معهم سوى ما تبقى من احلامهم و بعضا من غبار الامل بين امتعة المستقبل المجهول. 
لقد اقتبست كلمة لاجئ عبر العصور بمفهوم الحماية، حيث أن الملجأ هو الملاذ الآمن و المكان الذي يأوي اليه الانسان هربا من الظروف القسرية مثل الحروب و النزاعات و اسباب اقتصادية مثل الفقر والبطالة  التي دفعته الى الرحيل، ان اللجوء مشكلة تعاني منها البشرية بسبب كثرة أعداد اللاجئين حيث أشارت الدراسات و الإحصائيات بوجود ما يزيد عن 225 مليون شخص قد فروا من الحروب والاضطهاد والعنف، مما يزيد من اعباء المترتبة على البشرية، لذلك من وجهة نظري يجب على جميع المجتمعات الإنسانية أن تقدم يد العون لجميع اللاجئين في العالم وتساعدهم على تجاوز محنتهم و توفر لهم الحماية والأمان الذي يتأملون الحصول عليه. 
وهكذا استمر البشر عبر الازمان يتنقلون في الأرض من بقعة الى اخرى عبر القوافل و القوارب و السفن، يسعون وراء البقاء و يبحثون عن مأوى يوفر لهم سبل الحياة كالطيور المهاجرة التي تغادر أعشاشها بحثا عن مأوى يساعدهم على البقاء، و ينتشل احلامهم من ظلام الواقع ليبصر النور على ضفاف نهر الحياة.