أوافقك الرأي صديقي وإن كنت أخالف هذا الظن من أساسه، واسمح لي أن أفسر وجهة نظري لفرضية أن تربية البنت أصعب من تربية الولد.
فنحن عندما نربي الطفل سواء كان ذكراً أو أنثى نربيه وفقاً لمنهج تربوي، وديني وخُلقي سليم فلا نفرق بالمجمل بينهما؛ فالولد ننمي فيه الجانب الرجولي وإن كان يطغى أكثر وكذلك الجانب العاطفي كالحنان، والأنثى ننمي فيها الجانب العاطفي وفي المقابل نربيها على أن تكون قوية وصلبة.
فمن المفترض أن نربي الطفل على احترام الآخر وأن لا يكون متزمتاً ومتعصباً، ولا ننسى أن هنالك فوارق بيولوجية وفكرية تختلف من الأساس فلا يمكن المقارنة بينهما، لأن الله خلق كل منهما على فطرة تختلف عن الآخر.
لذلك القواعد التربوية والشرعية واضحة في تربية كلا الجنسين والتي تشمل وتركز على الأخلاق العامة بالدرجة الأولى.
ومن رأى أن القضية ليست من أسهل ومن أصعب؛ فالتربية بالعموم ليست سهلة إطلاقا ويتطلب لها قدر كبير من الوعي، والعلم والمسؤولية وأن تكون القاعدة الأساسية سليمة وصحيحة وهي الأم والأب. لذا الاختلاف لا بد منه في طريقة تربية كل جنس ولكن مبدأ السهولة غير وارد في أسلوب التربية. وكما أن الفكرة ليست في جنس الطفل بقدر أهمية معطيات أخرى تكمن في شخصية الطفل، وطريقة التعامل معه وتنشأته الصحية منذ نعومة أظفاره.
لنعود لظن البعض أن تربية الولد أسهل من تربية البنت، وأتمنى أن لا يكون للمثل الذي يقول إن "هم البنات للمهمات"،
تأثير على هذا الظن ولكن مع الأسف أن واقع فئة قليلة من الناس التي تؤمن بهذه المقولة وتستصعب تربية البنات منذ الصغر، وتعتبر أن ولادتها ووجودها هَم وعالة حتى لو تزوجت. ولكنهم لا يدركون البهجة والرقة التي يضفيها وجود البنت في المنزل.
وفي الجهة المقابلة ترى أن الولد هو من يحمل اسم عائلته وهو السند لها.
إضافة إلى ذلك هناك أسباب عديدة لهذا الاعتقاد منها:
- طبيعة الأنثى التي تميل إلى تقلب في المزاج والمشاعر وبمعنى آخر "دراما كوين" كما تصفها بعض الأمهات؛ فتجدها تبكي كثيراً أو تضحك كثيراً وبعد دقائق قد تشعر بالاستياء وفي أحيان أخرى تكبر الأمور الصغيرة. فقد يصعب على الأم أَو الأب أحياناً التعامل في مثل هذه النوبات المتقلبة غير المفهومة، ولكن أكرر أن هذا قد لا يتعلق بالبنت دوماً فالطفل بشكل عام تعتريه نوبات غضب في سن معينة يصعب على الوالدين فهمها واحتوائها.
- الحساسية التي تتصف بها الإناث أكثر من الموجودة عند الذكور، وهذا قد يقلق الوالدين في التعامل مع طفلتهما. فطبيعة البنت حساسة وتتأثر عاطفتها سريعاً لذا قد يجد الوالدين صعوبة في التعامل مع هذه الصفة، والخوف عليها من حساسيتها المفرطة وعدم السيطرة عليها كما يجب والتي قد تؤدي فيما بعد إلى تأثير نفسي بعيد المدى.
- الخوف على البنت من المستقبل والمجهول خاصة من جهة الأب، لذا قد يعتبر بعضهم أن تربية البنت صعبة أكثر وحساسة، فيحرص الأب والأم على الشدة المبالغ بها أو الرقة الزائدة عن الحد في التربية لكونها أنثى فقط؛ وذلك خوفاً عليها من الانحراف أو الانجرار وراء رفيقات السوء في المستقبل.
وعدا عن نظرة بعض الآباء أن البنت هي عِرضه وشرفه فعندما يبشر بمولودة أنثى تراه يعبس ويخاف من تربيتها لكي لا يفشل وتدنس عرضه فيبالغ في أسلوب تربيتها.
وبالنسبة لي أرفض مثل هذا النوع من التفكير؛ فالاعتدال في التربية مطلوب للبنت والولد.
والآن في القرن الواحد والعشرين أصبحت الأنثى شريكة الذكر في كل نجاح وإنجاز، وازداد الوعي وتنوعت وسائل التربية الحديثة لكلا الجنسين فلا أسهل ولا أصعب فالمهم أن يربَّى الذكر كذكر والأنثى كأنثى.