جواب الجزء الأوّل من هذا السّؤال واضح ويجليه سلوك المُجتمع.
بدايةً فالمُتحرّش القريب عادةً يكون أكبر سنًّا، وهذا ما أدلت به آلاف الشّهادات لفتيات تعرّضن للتحرّش من قبل الأقارب، وفارق السّن يُعطي المتحرّش مساحة لتهديد الضحّية وإخافتها باستمرار وإسكاتها لفترات زمنيّة طويلة ممّا يضعها تحت هاجس نفسيّ غير مُبرّر لفترة طويلة وهذا يخرج من يدها، يعني يُحكم خطّته؛ وخصوصًا أنّ القريب يعلم طريقة تعامل الأهل مع القضيّة حال انكشافه والمتمثّلة في مجتمعاتنا بلوم الضحيّة على ملابسها الضيّقة أو على صوتها النّاعم مثلًا، ويعلم نظرة النّاس له إذا فُضح أمره والمتمثّله بالطبطبة على الموضوع بعبارات مثل "رجل ولا يمكنه التحكّم في غرائزه" ويعلم أنّه ابن فلان مثلًا وسينفذ من القانون بسهولة.
أمّا عن تصرّف يُعنى بجعل قضيّة تحرّش قضيّة عالميّة لضمان مُحاكمة المتحرّش هو شيء لا تقدر عليه هؤلاء الفتيات اللواتي في غالبهنّ قاصرات، هذا خارج امكانيّة طفلات تعرّض للأذيّة الجسديّة والتّهديد والضّغوط النّفسيّة والحصار، أساسًا ما يُغرس فيهنّ أنهنّ المُلامات مهما حدث وفي كلّ حدث، فحتّى تُدرك البنت أنّ هذا أصلًا إجرام في حقّها في بيئةٍ غير صحيّة عادةً، ثمّ تتصرّف بشأنه، يكون قد استنزف منها الكثير، على صعيدٍ جسديّ ونفسيّ، لأنّها لم تحظى بالتّوعية الكافية والعادلة بهذا الخصوص.
أتمنّى أن يكون شرحي مُنصفًا لأسباب خشية "البعض" من فضح المُتحرّش، واحذر أن تُحمّل ضحيّة التحرّش فوق أعبائها النّفسيّة مسؤوليّة فضح المُتحرّش وأنت لست مكانها فهذا يُعتبر شكلٌ من أشكال الأنانيّة والتّنظير دون تضامن ولا إحساس بالآخرين، هؤلاء الفتيات لديهنّ تخوّفات عاطفيّة حتّى فيما يتعلّق بخسران الأهل وغيره بهكذا خُطوة، فالرّجل لا يدفع شيئًا مُقابل أن يحظى برفاهيّة "فضح المُتحرّش" أمّا المرأة مُجبرة على النّضال، ودفع الكثير؛ إذا أدركت حقوقها أصلًا.