هذه الاختراعات حين فكّر الإنسان بها، وسعى بكل ما يمتلك من فكر وعقل لأجل تحويلها إلى شيء ملموس، كان الهدف وراءها هو حاجة الإنسان لها وسعيه الدؤوب لكي يجعل حياته أكثر سهولة وأقل مُعاناة.
ولكن هناك رأي آخر يُناقِض المقولة الشهيرة "الحاجّة أُمّ الاختراع"، ففي كثير من الحالات، كان الأمر على العكس من ذلك تماماً، فغالباً ما كانت تُوجد التقنية قبل وجود المُشكلة التي تحتاج حل، إذ يتفاجأ الناس بوجود تقنية جديدة، ومن ثمّ تبدأ رحلة البحث عن إيجاد استخدامات جديدة لها.
لذلك لا أعلم مدى دقّة السؤال، إذ هل نحن حقاً حريصون على اقتناء الاختراعات الحديثة، أم أن الأمر يأخذ الكثير من الوقت قبل الإقدام على هذه الخطوة، وأنا أعني الاختراعات ذات التغيير الجذري الغير مسبوق في أسلوب حياتنا.
مثل السيارات والطائرات، والاتصالات السلكية واللاسلكية، والإضاءة الكهربائية، وأجهزة الحاسوب.
كان التحوّل المُفاجئ في أسلوب حياة الناس أمراً مُربكاً ومُخيفاً ومُناقضاً لفكرة "هذا ما وجدنا عليه آباءنا"، أمّا الآن لم تعُد كل هذه الاختراعات احتياجات أو رفاهيات، بل أصبحت أساسيات ومتطلبات للعيش، رغم أن الحضارة الإنسانية استمرت بشكل جيد لآلاف السنين بدونها.
لكن فيما يتعلّق بالترقيات الطفيفة التي تطرأ على الاختراعات الحالية الموجودة، فإن رغبة الإنسان بمواكبة كل ما هو جديد، لا تتوقف، سعياً منه إلى إيجاد تجربة مستخدم أفضل. مثلاً، أنا الآن لدي جهاز حاسوب، ولكن أحتاج حاسوب أسرع بكثير، أو مثلاً هاتفي الحالي ينفذ شحنه بسرعة، وأحتاج إلى هاتف آخر ببطارية أقوى وأكبر.
ونحن الآن حقيقةً نعيش في خضّم مرحلة نتداول فيها كثيراً مفهوم الذكاء الاصطناعي، والذي يُعد ثورة في عالم الاختراعات والتقنيات الحديثة التي تهدف لجعل حياة الناس أسهل. ولكن مع ذلك تتضارب ردود الأفعال تجاه هذه التكنولوجيا بين مؤيد ومُعارض.
لذلك فإن الابتكارات الجديدة عموماً تستغرق مدة زمنية طويلة حتى تستطيع كسب قبول السوق، ويعود ذلك إلى صعوبة اختراع مفهوم جديد يناسب حياة الناس واحتياجاتهم، حيث يعيش البشر حياتهم الطبيعية قبل ظهور هذه الاختراعات، وبعد أن يألفوها ويعتادوا عليها، يتعجّبون من حياتهم قبلها.
لذلك أعتقد أن البشر عموماً في حالة تردّد وتخوّف أمام الاختراعات الحديثة، هذا رأيي الشخصي.