واتتني فكرة قد يجدها البعض في إطار غير المألوف! لنضع أنفسنا مكان هؤلاء الذين صنفناهم بأنهم مملّون. ماذا سنجد؟ ما هي نظرتنا لأنفسنا وقتها؟ كيف سنجد تعاملنا مع الآخرين؟
أتوقع أننا سنجد أن شخصياتنا طريفة ممتعة، مع بعضٍ من الحماسة المفرطة في شرح التفاصيل التي قد نجدها مهمة. قد نعتقد أن هندامنا مرتب، وقصة شعرنا تتناسب مع قناعاتنا. ووتيرة صوتنا مقبولة ضمن الطريقة التي يتحدث بها الناس.
أرأيت! كلٌّ يغني على ليلاه!
لا يجب أن ننّصب أنفسنا للحكم على الناس، فأفكارنا هي نتيجة بيئاتنا ونشأتنا. فما تجده أنت ممل، يجده الآخرين طبيعيًّا. قد أجد من يتحدث ببطء ويكرر كلامه مملًّا، أو تجد أنت من يرتدي موضة ملابس السنة السابقة هو شخص لا يفقه بالأمور. أو أن الأكثر مللًا هم أولئك الذين يرفضون التحرك مع المد والجزر وتدفق احتياجات الحياة والمجتمع. فنحن جميعًا أنانيون منغمسون في ذاتنا وفي أعماقنا. أي شخص تبدو غير مهتمٍ به، سيجدك مملًا بنسبة 100٪. لنكُف عن وضع الناس في قوالب وإطارات مرئية لنا، ولنبتعد عن برمجة عقولنا على وضع غيرنا في زاوية ضيقةٍ من أفكارنا.
لذلك بدلًا من الحكم على الغير بأنهم مملون، لننظر لأنفسنا أولًا ونراقب هذه التصرفات الآتية، التي ربما قد تكون مؤشرًا أننا نقود الآخرين للملل:
* عدم استماعنا وإنصاتنا للغير، فمن يكون مملًا قد يفضل إنتظار دوره للتحدث، غير مهتم ولا عابيء ولا آبه بما يقوله غيره.
* نادرًا ما يعرف الأشخاص المملون أنهم مملين. (أو ربما ينكرون ذلك). راقب أفعالك وأفعال الآخرين، كيف يقترب الناس منك ؟ هل يتطلعون لرؤيتك والتحدث معك؟ أم أنهم فجأة يأخذون هواتفهم ويفعلون شيئًا "مهمًا حقًا"؟ افتح عينيك. حاول أن تراقب نفسك من منظور محايد.
* يقف الأشخاص المملون على حافة هويتهم ويقعون في شقوق الهوية المبنية على الحدس وأولئك الذين يشعرون بأنهم مقيدون بما يعرفونه؛ مجتمعهم، دائرة أصدقائهم المباشرة، طبقتهم الاجتماعية، تعليمهم، فكرتهم عن النجاح، فكرتهم عن الحب أو الصداقة، ليس لديهم مجال لضبط إيقاعهم.
* ظهور الأنانية وهوس العظمة لدى الشخص والإثارة والترقب للمحادثات ، حيث يُشعر الآخرين بعدم الأهمية وحتى بالغيرة، ويقارن اهتمامات الغير مع اهتماماته فيعظّم من شأنه. أنا ... أنا أنا ... أنا هذا .. هذا .. نفسي ... يكفي قولك تلك الأمور!!!! فتجده كالفقاعات الفارغة في نفخ ذاته بلا داعٍ.
* قد يظل الأشخاص المملون دائمًا عالقين في "المناطق النائية الفارغة" - حدودهم الشخصية والنفسية والجسدية. إنهم لا يجربون أبدًا أي شيء جديد، أو ذو مغامرة، أو شيء يحتمل أن يكون مذهلاً ؛ خوفًا من الفشل بطريقة ما أو لاكتشاف أنهم لا يحبون الهدف من تجربتهم.
* نفس الروتين، يوما بعد يوم. هل هناك شيء أكثر كآبة؟ حسنًا، بالنسبة إلى الأشخاص المملين فإنهم لا يفكرون أبدًا في تجربة شيء جديد أو توسيع آفاقهم. يستيقظون في نفس الوقت كل يوم، ويأكلون نفس الأشياء، ويفعلون نفس الأشياء، ولا يريدون أبدًا تغيير أي شيء، حتى لو تناولوا شيئًا مختلفًا لتناول الإفطار في ذلك اليوم.
* الأشخاص المملون لا يتوقفون أبدًا عن الشكوى من حياتهم، وكيف يبدو أن كل شيء لا يسير على ما يرام بالنسبة لهم. لا يفكر الأشخاص المملون أبدًا في الكيفية التي قد تكون بها الأمور بالنسبة للآخرين الذين يستمعون، ومدى حظهم في الواقع، خاصة عند مقارنتهم بالأشخاص الآخرين الذين يعانون من الأسوأ ومع ذلك يظلون متفائلين وإيجابيين ومشاركين في الحياة على أكمل وجه.
وأعود للقول مجددًا، أنت شخص ممتع لفئة من الناس، وممل لفئة أخرى. كن ذا عقلية منفتحة، و ركز على العظمة في الأشخاص من حولك. "فالعقول الصغيرة تناقش الناس، والعقول المتواضعة تناقش الأحداث، أما العقول المتفوقة تناقش الأفكار."