منذ الصغر وأنا أسمع أن الأفعى تسمع من جلدها، ربما يكون التعبير صحيح رغم أن آلية السمع تلك مختلفة عن الآلية الطبيعية لدى باقي الكائنات الحية، وقد رأينا على التلفاز مشاهد في بلاد الهند، وهم يعزفون للكوبرا أنغاماً تتمايل عليها، وشاهدنا هذه المشاهد أيضاً في برامج الأطفال كالسندباد وفي مختلف الأفلام والمسلسلات الهندية.
أفعى الكوبرا رغم أنها لا تسمع بالمعنى الحرفي، إلا أنها تشعر بالاهتزازات النّاجمة عن الأصوات، وهذا ما يبرر تمايلها وتراقصها تبعاً لنغمات المزمار وانسجاماً مع طبقاتها الصّوتية.
فهي تمتلك جهازاً سمعياً داخل رأسها، متصل بعظام الفك، فتتحرك عظام الفك للأعلى وللأسفل، ولليسار ولليمين بشكل حر، وحتى في الحالة الطبيعية لها أي الحالة التي تكون فيها الأفعى زاحفة على الأرض، يمكنها اسكتشاف موقع أو اتجاه الصوت، كالصوت الناجم عن حركة الأقدام، وذلك من خلال حركة فكيها.
كما لديها أعصاب حسية في جلدها وترتبط هذه الأعصاب بالحبل الشوكي، وهي حساسة للغاية، بحيث تُمكّن هذه الثعابين من استشعار اهتزازات الصوت.
وتتم عملية استشعار الصوت والاهتزازات من خلال التكامل في عمل كل من الجهاز المتصل بعظام فكيها مع الأعصاب الحسية التي في جلدها، حيث تنتقل هذه الاهتزازات من الجلد إلى العضلات ومن العضلات إلى عظام الفك المتصلة بالأذن الداخلية، ثم إلى الأذن الداخلية مما يُكّنها من سماع واستشعار الصوت، بالتالي هي لا تسمع بالطريقة والآلية والقوة التي تسمع بها باقي الكائنات الحية، وغالباً تستشعر الأصوات منخفضة التردد أكثر من غيرها.
وفيما يتعلق بمشاهد رقص أفعى الكوبرا العالقة في أذهاننا فإن المشهد فيه نوع من السحر، فصاحب الثعابين الذي يعزف لها الألحان لتتمايل معها، يقوم هو من جهته بالرقص والتأرجح والميل بجسده يمنةً ويسرى، وهذا يحرك غريزة الثعبان بالتمايل اكتشافوالتأرجح مع حركته، فهي بطبيعتها تميل إلى تتبع أي جسم متحرك عن كثب.
وربما هذا المشهد لأفعى الكوبرا، يجعلنا أحياناً نعتقد أن أفعى الكوبرا تمضي حياتها وهي تتمايل وترقص أو على الأقل رافعة رأسها، وفي الواقع هي لا تقف بصورة مستمرة، فذلك يسبب لها الإجهاد، وإنما تتراخى وتعود لحالتها الطبيعية بعد دقائق من وقوفها، وتقف عادة عند الشعور بالخطر أو عندما تكون في حالة تأهب واستعداد.
ولابد من لفت الانتباه إلى أن هذه العروض، هي في الواقع عروض غير قانونية فهي بالغة الخطورة حتى على ساحر الكوبرا نفسه، إذ يمكنها بعضّة واحدة أن تودي بحياته لُسميّة عضّتها الشديدة، لهذا فهم يغامرون ويخاطرون في سبيل الحصول على بضعة دولارات من وراء هذه العروض التي لا يمكنهم الاستمرار بها أكثر من دقائق معدودة وقد يضطرون إلى غلق فمها تفادياً لخطرها، وربما خلع أنيابها!