أحياناً يؤدي الشك المفرط بالتوهم بحدوث أمور غير موجودة وتصديقها وكأنها حقيقية فعلاً؛ فأحياناً يشك الزوج بزوجته، فعندما يسمعها تتحدث مكالمة عمل بكل أدب وأخلاق على الهاتف قد يشك أنها تتحدث مع شخص غريب وأنها على علاقة معه فيصدق ذلك ويحدث بينهما خلافات كثيرة لا داعي لها، وكانت ستتصر لو سألها مع من تتكلم منذ البداية فقطع الشك باليقين.
أعتقد عزيزي أنك لم تأخذ الفكرة الصحيحة مما أردت أن تتعلمه، فما تتحدث عنه هو قانون الجذب الذي يتلخص بأن الشخص إن آمن بشيء ما فإنه سيجذبه له وسيحدث له فعلياً أو على الأقل سيقنع عقله الباطن بحدوثه فيتصرف على هذا الأساس.
فمثلاً... إن أردت أن تتزوج بفتاة معينة ووضعت هذه الفكرة في بالك وآمنت بها فعلياً، فإنك ستتصرف تصرفات تسهل عليك الطريق وتجد عقلك يجد لك الطرق للتعرف عليها وبناء علاقة عاطفية معها تصل للزواج، وكأنك تجذبها إليك بأفكارك. وإن كان إنسان يجد أنه شخص غير جميل فيقنع نفسه بالعكس ويصور شكله في عقله بأنه جميل جداً فسينعكس هذا على روحه مما يزيد قبوله لدى الناس ويجعلهم يتغاضون عن شكله... هو يتوهم الجمال لأنه مقتنع داخلياً بوجوده مما جعله يجذب الناس الذين يرونه جميلاً فعلاً أو على الأقل محبوباً بغض النظر عن شكله.
ولأن أفكارك هي التي تحدد تصرفاتك ومواقفك وردات أفعالك فعليك التحكم فيها أولاً وعدم المبالغة بها وجعلها واقعية، وتطبيق ما تعلمته على أمور معينة فقط وليس على كل شيء؛ فحاول أن تطبق ما تعلمت بأن تتخيل الشيء الذي تريد على الأمور التي تخدمك فيها هذه الفكرة وتمارس التيل الموجه كأن تتوهم بأنك شخص واثق من نفسك حتى لو كنت غير ذلك، وأن تتوهم بأنك سعيد مع إنك لست سعيداً لتتفاءل وتهون على نفسك وتتعلم أن تنظر للجزء المليء من الكأس لتجلب لنفسك السعادة فعلياً، ولا تنس أن السعادة بالذات مرتبطة بالرضا وراحة البال وليس بالأمور المادية كما يراها البعض.
أما عن مشكلة الشك الزائد، فأنصحك بقراءة باقي الإجابة لمعرفة كيفية التعامل معها:
- قد تكون تعاني من البارانويا وهي الشك المفرط بأن هناك أشخاص يراقبونك أو يكنون لك السوء فتكون غير واثق بالناس ولا بالأشياء دون وجود دليل منطقي على كلامك... فراجع علاقاتك وتأكد من ذلك بنفسك.
- حاول أن تلحظ الأفكار التي تدور في مخيلتك قبل أن تتمكن منك؛ فإن وجدت نفسك أنك بدأت تقتنع بأن هذه الغرفة ما هي إلا قطعة خشب فتوقف هنا، أغمض عينيك وخذ نفساً عميقاً من أنفك لمدة 5 ثوانٍ، ثم أمسكه قليلاً وأخرجه بعدها من فمك لـ 7 ثوانٍ ثم انظر إليها من جديد بمنطقية.
- مارس التأمل باستمرار في حياتك، والتمرينات الرياضية، لتتخلص من التوتر والإجهاد الذان يزيدان هذه الحالة لديك، كما يمكنك التوجه للروحانيات والصلاة والتخيل الموجه.
- توجه لتفريغ أفكارك السلبية عن طريق الفضفضة لشخص موثوق، أو حتى الحديث مع النفس أو الكتابة إن أردت، وتذكر ماضيك وحاول أن تجد مواقف قد تكون مرتبطة بما يحدث معك، فهل تعرضت يوماً للخيانة بسبب ثقتك الزائدة بأحدهم، أو هل حدثت أمور مهمة في حياتك على عكس توقعاتك...
- تدرب على التفاؤل وحسن الظن بالآخرين... فإن قال لك أحدهم أنه سيتأخر بسبب أزمة السير فصدقه ولا تتشاءم، جرب هذه الطريقة وسترتاح... وإن كان لديك بعض الظنون في أمر ما فاسأل عنه واجمع تفاصيله بدلاً من اللجوء للاستنتاجات غير المنطقية بشأنه... فإن وجدت مثلاً أن شريكك أنيق جداً في يوم من الأيام فغازله ومن ثم اسأله عن السبب، فقد يكون السبب أنه في مقابلة عمل أو اجتماع لتقطع الشك باليقين بدلاً من أن تتوتر وتستنتج أنه في علاقة عاطفية مع أحد. وإن كنت ترى الغرفة قطعة خشب فاقترب منها أكثر واثبت لنفسك أنها غرفة واقنع نفسك بعدم التخمين قبل أن تتضح أمامك الصورة، فلا تتسرع. وإن كانت أشكال أو مجسمات معينة تستدرجك للتخيل فحاول الاستغناء عنها... أذكر أنني عندما كنت صغيرة وكنت أنام في بيت جدتي كنت أتخيل عندما تطفأ الأضواء ويبقى انعكاس ضوء الجيران على شباكها أشكالاً جميلة أحياناً وبشعة ومخيفة أحياناً أخرى من خلال تركيزي في هذا الشباك "المبزّر" في غرفتها، وعندما قلت لها هذا نصحتني أن أدير بوجهي للجهة الأخرى نحو الحائط، وأحياناً كانت تبقي الضوء في الغرفة حتى أنام.
الشباك الذي تكلمت عنه هو الشباك الذي كان دارجاً في المنازل القديمة، يحتوي على زجاج مبزر ويفتح من خلال يد تشدها للأعلى فيفتح الشباك للأمام مثل الباب.
- غير في بيئتك ومحيطك والناس من حولك... فقد يكونون هم السبب فيما يحدث معك؛ فوجودك مع أشخاص سيئين فعلاً خذلوك أكثر من مرة وأثبتت المواقف أنهم غير جديرين بالثقة لا يعني أن كل الناس مثلهم، ابحث عن أصدقاء آخرين وتعرف على أشاص لطفاء تتشارك معهم الأفكار والاهتمامات، ويكونون إيجابيين لتصلك العدوى، ولترجع الثقة بمن حولك.
- إن لم تنجح هذه الخطة ووجدت نفسك ما تزال تعاني من الشك المفرط، وتخيل أمور غير صحيحة فتوجه للأخصائي النفسي الذي قد يساعدك.
أتمنى أن أكون قد أفدتك بإجابتي
المصدر: