دعني أطرح عليك سؤالًا: ماذا تقصد بالابتذال؟ ستصاب بصدمة أن كلمة الابتذال في اللغة تعني الكلام كَثِيرُ الاسْتِعْمَالِ، المَأْلُوفٌ، والمُتَدَاوَلٌ ففقد وزنه. ولا يعني بالضرورة أن الكلام سفيه أو تافه. لذا تحديدك أن استعمال الايموجيز الكثير يعني أنه يقلل من شأن النص هو في غير مكانه. فهذا يعتمد على كل من طبيعة النص أو الموقف، وطريقة عرضه، والأسلوب المستخدم في طرحه. كما يعتمد على كيفية استخدامه في سياق محدد.
أتفق معك في نقطة استخدام الايموجيز بطريقة متكررة دون الحاجة لها بأنه أمر غير جيد أو محبب من قبل القرّاء، حيث تُسقط السياق المطلوب، وتعمل على تشتيت القارىء بما يود الكاتب إيصاله من معلومات، وتقولبه في مناطق ضيقة الأفق. وقد تعطي مؤشرًا غير واقعي عن كاريزما وشخصية الكاتب، لأن الرموز التعبيرية الرقمية تستخدم عادةً للدلالة على المشاعر التي لا يمكن أن تتدفق عبر الكتابة اليدوية. لذا على الكاتب أن يقدّر أين ومتى وكيف يسّوق لمشاعره في نصه دون أن يقلل من شأن ما يكتبه، ودون أن يجرح أو يزعج الكاتب بكثرة تلك الرموز التعبيرية وتتابعها. ففي النهاية الكتابة هي جزء من التعبير عما يجول في خاطر الكاتب، وطريقة لإيصال المعلومة بأبسط شكل ممكن، حتى يستطيع القارىء إدراكها، وفهم ما وراءها، ومن ثم تخزينها في الذاكرة الدائمة كجزء من المعلومات التي يرغب بالاحتفظ بها. فالكتابة النصية تقدم بعضًا من شخصية الكاتب ما وراء الشاشة، فعليه أن لا يجعلها أداةً ضده، بل عليه الاستعانة بالرموز التعبيرية وقت الحاجة، وفي حال أراد تغيير الجو العام للنص حتى لا يمل منه القارىء.
اجعل رموزك التعبيرية تصفك، تصف ما تبتغيه، وتصف الموقف الخفي الذي تود أن يتغلغل في فكر وذهن القارىء.
54 مشاهدة
