الكتابة هي ذلك الملجأ الذي نلجأ إليه كلما أحاطت بقلوبنا ظلال الاحزان، او ذلك الصديق الذي نذهب اليه عندما تحلق فوق رؤوسنا فراشات السعادة لنعبر له عما بداخلنا، و نتحدث معه بكل شفافية بدون اي حواجز تحد من حبر اقلامنا، هي ذلك العالم المختبئ بين طيات ارواحنا الذي يحتضن ضعفنا وقوتنا كلما ترامينا بين أركانه، كلما احتاجت قلوبنا للبوح عن اسرار حجراتها، وكلما ترددت الأفكار في أذهاننا متخبطة في زوايا عقولنا تبحث عن مترجم يترجم حروفها، ذلك المترجم الفصيح الذي يمسك طرف الخيط و يبحر في الفلك المحمل بالكنوز التي تبحر في بحر الخيال لينتهي بها المطاف على ضفاف الواقع المتمثل بالورقة و القلم.
الكاتب هو الشخص الذي استطاع أن يترجم روحه عبر كلماته المرسومة بحبر الخيال على أوراق الواقع، الذي سخر حروفه لتتحدث عن تفاصيل عالمه الخفي و تخبطات روحه، و المشاعر المختبئة وراء احرفه المرتبة، لتجسد الكلمات التي من خلالها يلامس كل من قرأها و ينقل له تعبيرات لغة روحه عبر سلاسة الحبر الذي يغمر أوراق كتبه.
الكتب هي بوابة روح الكاتب الذي يجسد من خلالها عالم روحه، حينما ييني بداخلها وطنا يسكن بين حجراته او منفى يأسر احلامه المعلقة بين الواقع و الخيال، يتخبط بين أوراقه و يسافر عبر كلماته تارة يطير مع نسمات الصيف، وتارة يحلق مع سرب الغربان المهاجرة الى ظلال الحبر المنثور على اطراف الزوايا المعتمة، لكنه في نهاية المطاف يرسو على قمة النقطة الموجودة في آخر محطة من سطر سماء أوراقه، و هو يعلم جيدا أن لعنة سرمدية الكلمات في روحه تخترق حاجز التعبير، وتتخذ من نقطة النهاية محطة انتظار تسحب القلم لكي يحولها إلى فاصلة يبدأ بعدها فصل جديد من حكايا الروح.
من وجهة نظري ان الكتابة هي صفة فطرية تخلق مع الانسان و ليس لها عمر محدد فهي موهبة تمييز الأفراد و تعطيهم القدرة على ترجمة ارواحهم لذلك لا ضير ان تبدأ خطواتك الأولى في عالم الكتابة بعمر صغير و تتعلم من تجاربك و خبراتك التي سوف تكتسبها مع كل كتاب تنشره، ولكن يجب عليك اتباع بعض الخطوات لكي توفق في نشر كتابك الأول.
أولاً ابدأ بكتابة كتابك.
حاول أن يحمل كتابك رسالة معبرة، و يكون بمثابة موسوعة تحمل بداخلها المعرفة التي تعكس عالم روحك بكل حروفها لكي تستطيع ترجمة ما تحمله لغة روحك، و ايصالها بسهولة الى الناس.
بعد ذلك يمكنك أن تجهز كتابك، بحيث ان تجمعها في ملف واحد على شكل نسخة النهائية تجمع جميع التفاصيل مثل الفهرس، و المقدمة، و غيرها، و تعمل على تدقيق حروفه بشكل يجعل من كلماته معبرة اكثر و خالية من الأخطاء اللغوية التي من الممكن أن تقف كالحاجز بينك وبين القارئ.
ثم عليك ان تجهز رسائلك سواء الإلكترونية أو الكتابية و ترسلها إلى مختلف دور النشر على مستوى بلادك لتزيد من فرص نشر الكتاب و اختياره من قبل دور النشر.
واخيرا انتظر وصول رسالة من احد دور النشر يخبرونك بها أنهم سعيدون بنشر كتابك، عندها سوف تتخلل السعادة روحك و تشعر بأن احرفك سوف تتناقل بين طيات الأوراق بصورة أبدية، لكن حاول ان تختار دار النشر المناسبة لشروطك والتي تحفظ حقوق كلماتك.
صدقني انك عندما تلامس غلاف أحد كتبك، و ترى طبعاته من خلف زجاج أكبر المكتبات، و دور النشر، سوف يتخلل روحك السلام والسعادة، لكن قبل ذلك سوف يتعين عليك ان تحاول كثيرا و تقع في حفرات، و عثرات عديدة تحاوط طريق النجاح من كل جهاته، لكنك في النهاية سوف تجد نفسك في الموقع الذي يترأس احلامك، لذلك اذا كنت تشعر انه حان الوقت لكي تنشر كتابك الاول فبدأ بذلك حتى لو كان عمرك 18.