هذا السؤال ذكرني بالكثير من المواقف التي حدثت معي ومع أشخاص أعرفهم لأننا خدعنا بأشخاص تبين فيما بعد بأنهم كانوا يتظاهرون أنهم لطفاء في بداية علاقتنا بهم، فالموضوع ليس سهلاً ويحتاج لبعد نظر وتحليل وأحياناً للحدس أيضاً.
فعندما كنت في المدرسة كانت والدتي دائماً تقول أنني أخدع بالناس بسرعة وأبني علاقات مع الجميع وهذا خطأ! وكانت في كثير من الأحيان تقول لي "فلانة" ماكرة و"فلانة" طيبة، وكانت تبني رأيها بالناس استناداً على المواقف وأحياناً كانت تطلق أحكاماً على الناس من النظرة الأولى بناء على علم الفراسة الذي يتقنه البعض حتى دون دراسته!
حينها لم أكن أصدقها وكنت أعتقد بأن الإنسان لا يستطيع معرفة الناس إلا بعد تجربتهم، ولكن ما غير رأيي هو أنها كانت دائماً على صواب، وكانت المواقف والتجارب تثبت لي صحة كلامها! فأصبحت أصدق الحدس والفراسة وأحلل الأمور أكثر وأنتبه لما يقوله الجسد لا ما يقوله اللسان، فأغلب الناس يبذلون جهدهم ليبدوا لطفاء جداً في البدايات حتى لو كانوا عكس ذلك في الحقيقة!
كيف أعرف إن كان الشخص الذي أتعامل معه لطيفاً فعلاً أم أنه لطيف فقط في بداية العلاقة؟
هناك أشخاص يبدون لطيفين جداً في بداية علاقتنا بهم إما لأنهم لا يريدون خسارتنا أو ربما من باب المجاملة أو للحصول على شيء ما منا! وقد يمثّل الشخص اللطف في البداية تمثيلاً؛ قتراه متصنع، وقد يكون لطيفاً فعلاً في البداية ثم يتغير أو يعود لطبعه؛ فقد يتحول الشخص إلى إنسان لطيف من كل قلبه ودون تمثيل مع من يحب، وما أن يتعود على وجود هذا الشخص بجانبه تراه يعود لطبعه الفظ.
سأعطيكم بعض الأمور التي تساعدكم على اكتشاف ذلك...
- اعرف معلومات أساسية عن علم الفراسة: فهذا العلم يساعدك كثيراً على الحكم على الأشخاص من النظرة الأولى، لكن تذكر أن الشكل الخارجي للإنسان ليس مقياساً دقيقاً على صفاته الداخلية، فهناك البيئة وأسلوب التربية والمستوى الثقافي وغيرها من الأمور التي تحدد صفاتنا الشخصية، لكن الفراسة قد تعطيك مدخلاً جيداً للموضوع... فمثلاً تدل العيون الواسعة على اليقظة والانتباه بينما تدل العيون الضيقة على الخبث والمكر.
- تعلم قراءة لغة الجسد: فقد يكذب اللسان ولكن سائر أعضاء الجسم لا تكذب، فإن كان الشخص يتجنب النظر في عينيك فهو غالباً يكذب، وإن كان جسده منغلقاً فقد يكون كاذباً أيضاً.
- راقبه كيف يعامل الناس الآخرين: فهل يبقى واقفاً ليسمح لرجل مسن أو لامرأة بالجلوس مكانه، وهل يصطف على الدور في الطابور، وهل يحترم النادل في المطعم حتى لو كان هناك مشكلة في الطعام... كل هذه الأمور تساعدك على قياس مدى لطف هذا الشخص، لأن الشخص اللطيف يجب أن يكون لطيفاً مع الجميع وليس فقط مع من يحب. ومن الأمور التي قد تساعد الفتيات بالذات لمعرفة إن كان الشاب الذي اختارته سيعاملها بلطف أم لا هي أن تشاهد كيف يعامل والدته! فالرجل غالباً يعامل زوجته بنفس الطريقة التي يعامل بها والدته؛ فلا تخافي من الشخص الذي يدلل والدته لأنه سيدللك أنتِ كذلك.
- راقب إن كان يتحمل مسؤولية أخطائه أم يرميها على الآخرين: فالإنسان اللطيف يعترف بأخطائه ولا يحمل الآخرين مسؤوليتها.
- هل هذا الشخص يمارس التمرينات الرياضية والتأمل والقراءة والاسترخاء: فهذه الأمور تخلصه من الأفكار السامة التي قد تتراكم داخله، وتوسع مداركه وترفع وعيه بذاته.
- هل يتعاطف مع الآخرين: فالتعاطف هي مهارة مهمة جداً تصنع من الشخص شخصاً طيباً ولطيفاً.
- هل ما زال لطيفاً معك بعد مرور فترة من الزمن على علاقتكما: أنا لا أقول أن عليه أن يكون بنفس المقدار من اللطف؛ فمعظمنا يبذل ما في وسعه في البدايات، لكنه يجب أن يحافظ على قدر كافٍ من اللطف حتى بعد انقضاء فترة زمنية على علاقتكما.
المراجع: