كيف يمكنك أن تشرح لي عن نظرية الأكوان المتعددة بطريقة مبسّطة؟

1 إجابات
profile/أريج-عالية-1
أريج عالية
educational consultant
.
٠٤ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
      في أفلام الخيال العلمي التي تابعناها منذ الصغر كانت فكرة وجود أشخاصٍ آخرين أو كائنات فضائية  أو أشباه لنا فكرة مطروحة على الدوام، وكانت التساؤلات التي تراودنا دومًا: هل حقًا يوجد مثل هؤلاء الأشخاص؟ وأين يتواجدون؟ وما هي الظروف المحيطة بهم؟ وهل هؤلاء الأشخاص يتفاعلون مع عوالمهم أو أكوانهم بالطريقة التي نتعامل فيها مع عالمنا وكوننا؟     هذه التساؤلات التي قد تخرج عن إطار المعقول ويعتبرها البعض من الهرطقات أو من عالم ما وراء الميتافيزيقيا تم بحثها وطرح التساؤلات حولها ضمن أطر علمية فيزيائية، وأول من تطرق لها هو العالم  هيوغ إفيريت ضمن محاولاته لحل معادلات نظرية الكم، ومنها لماذا تتصرف الأجسام الكمية بشكل غير منضبط؟ ومثال على ذلك تصرف الفوتونات الضوئية كجسيمات أحيانًا كأمواج أحيانًا أخرى، ولا يمكن الجزم متى تتصرف الفوتونات بإحدى التصرفات السابقة لأن احتمال حدوث ما سبق متساوِِ. ومن هنا صاغ العالم إفريت وجود كون أو أكوان متوازِية يتصرف به الفوتون كجُسيم مثلًا بينما يتصرف الفوتون في كوننا كموجة ضوئية وتتداخل في هذه الأكوان عوالم متعددة.

    قام إفريت بتقديم نظريته لمجتمع العلماء مما أحدث جدالًا واسعًا حول تقبلها وأثارت العديد من التساؤلات التي لا حصر لها ومنها: متى تكونت هذه الأكوان؟ وما علاقتها ببعضها البعض؟ وأي الأكوان هو الكون الأصلي وأيها التابع؟ وكيف تكونت بهذه السرعة؟. فرفضت هذه النظرية تمامَا، إلى أن ظهرت نظريات أخرى تفترض وجود أبعاد إضافية ممتدة أكثر عددًا من الأبعاد الأربعة المتعارف عليها في كوننا( الطول، والعرض، والارتفاع، والزمن). ومن هذه النظريات نظرية "الأوتار الفائقة أو الخيطية" والتي اقترحها كل من العالمين جون شفارتز وجول شيرك مما فسر شكل الطاقة والمادة في هذه الأبعاد والتي افترضت أنها تسعة أبعاد - بالإضافة للأبعاد الأربعة السابقة-، وأن اللبنات الأساسية في الكون متناهية في الصغر على شكل أوتار تتذبذب بطرق مختلفة أي أن كل ما في الكون من مادة وطاقة وشحنات  هي أوتار تهتز بطرق مختلفة كما في أوتار آلة التشيللو الموسيقية التي تُصدر عن تردد أوتارها نغمات مختلفة ، مما دعم نظرية الأكوان المتعددة أو المتوازية التي قد تتداخل مع كوننا أو مع عالمنا لكن تفصلنا عنهم الأبعاد السابقة.

      وقد افترض بعض العلماء وجود أشباه لنا بنفس الهيئة والشكل والتركيب، ومنهم من افترض أن أشباهنا  لديهم نفس السيرة الذاتية التي مررنا بها ونفس التصرفات. أما البعض الآخر فذهب بافتراضاته  إلى أبعد من ذلك، فلو فكرت يومًا في أن تصبح عالمًا بعد تخرجك من المدرسة لكنك في الواقع في كوننا المنظور والمسمى بكرة هابل في مجرة درب التبانة ضمن المجموعة الشمسية على سطح هذه الكرة الأرضية  تعمل محاسبًا في إحدى الشركات، بينما شبيهك قد سلك الطريق الآخر وأصبح عالم فضاء يعمل مثلًا مع شركة ناسا ويعيش تلك الحياة في الكون الموازي. و تم تفسير ذلك بناءً على حركة الإلكترون في الذرة ومن خلال قوانين الميكانيكا الكمية، فالإلكترون قد يتواجد في أي مكان في الذرة وقد يكون في كل الأماكن في نفس الوقت، ومنها تم افتراض وجود عوالم أو أكوان متوازية انشقت و تباعدت عن بعضها البعض.

      أثارت نظرية الأوتار الفائقة إعجاب العديد من العلماء، إلا أنها تفتقر للأدلة التجريبية التي تدعمها؛ حيث يقول العالم سيثي" إن نظرية الأوتار ثرية، وجميلة للغاية، وصحيحة تمامًا فيما يتعلق بجميع الأمور التي أخبرتنا بها تقريبًا، لدرجه أنه يصعُب تصديق أن الخطأ يكمن في نظرية الأوتار وليس فينا". ومن هنا تم البحث من جديد عن نظريات أخرى معقولة تقترح وجود أكوان متعددة ومنها:

  1. نظرية التضخم الأبدي:  والتي طُرِحَت للمرَّة الأولى في العام 1979 من قبل العالم آلان جوث، والتي تم بحثها وتطويرها حتى عام 1986 والتي تنص أن الكون تضخم فلكيًا أو تمدد واتسع كونيًا قبل 13.8 مليار سنة، وأن هذا التمدد مستمر مما يشكل مجرات جديدة صغيرة تبدأ بالنمو بعضها بجانب البعض، فتتولد مجرات ونجوم جديدة باستمرار وهو ما يسمى " بالتضخم الأبدي". ثم افترض العالمين ستيفن هوكينغ وجيمس هارتل أن هذا الانفجار العظيم ولّد أكوانًا متوازية كفقاعات بعضها بجانب البعض، وبعض هذه الفقاعات توقفت عن التضخم  ومنها كوننا الأمر الذي ساعد في تشكل النجوم والمجرات فيه، أما الجزء الآخر استكمل عملية التمدد ليُنتج أكوان مشابهة وموازية لكوننا في قوانينه ومكوناته، أو أكوان  موازية مختلفة وفقًا لقوانين الفيزياء والكمومية.
  2. نظرية الأكوان الرياضية: تجادل العلماء حول هذه النظرية التي تعتمد على الرياضيات كأداة مفيدة لوصف الكون، فتصوراتنا حول الكون هي مجرد تصورات ناقصة عن طبيعته الرياضية الحقيقة. وفي حال كانت ناقصة فيحتمل أن الهيكل الرياضي المكون لكوننا ليس الخيار الوحيد ويتغير اعتمادًا على الكون الموجودة فيه، وبذلك تكون الهياكل الرياضية موجودة كأكوان منفصلة. يقول ماكس تيجمرك الذي عرض هذه الفكرة المحيرة : “ الهيكل الرياضي هو شيء يمكن وصفه بطريقة مستقلة تماما عن نظريات الإنسان البالية ”. فهو يؤمن بوجود هذا العالم في مكان آخر بشكل مستقل والذي سيظل موجود حتى لو لم يكن هناك بشر.
  3. نظرية الأكوان الوليدة: توضح ميكانيكا الكم أن الكون مليء بالاحتمالات، فلا يمكن أن يصف عالم الكم جميع النواتج الممكنة- كما تحدثنا سابقُا عن الفوتون وطبيعته- فرياضيات ميكانيكا الكم تقترح أن النتائج الممكنة قد تحدث بالفعل في أكوان منفصلة، وفي كل كون نسخة عنك قد تكون شبيهة بك أو مختلفة عنك.
  4. نظرية الأكوان المتوازية: والتي نشأت عن نظرية الأوتار الفائقة، حيث يصف بعض العلماء كوننا كجزء من أكوان متعددة تطفو في فضاء ذو أبعاد متعددة، مثل شريحة من الخبز داخل رغيف كوني كبير. فليس بالضرورة أن تكون هذه الأكوان المتعددة متوازية وبعيدة، فيحتمل في بعض الأحيان أن تتصادم  لتنتج انفجارًا عظيمًا جديدًا يعيد تشكيل الكون مرة أخرى.

      وبالرغم من تعدد هذه النظريات، ومنطقية بعضها من خلال دعمها بالقوانين الفيزيائية والكمومية، إلا أن هذه النظريات لا زالت في طورها التمهيدي، وتحتاج أن تدمغ بأدلة علمية تجريبية لتصبح حقائق علمية موثوقة، وما زالت الأبحاث والدراسات قائمة لتجيب عن التساؤلات التي حيرت العلماء: هل يوجد بالفعل أكوان متعددة؟ وكيف نشأت هذه الأكوان؟ وما هي مكوناتها، بدايتها ونهايتها؟. 

وأنت عزيزي القارئ: ما رأيك بهذه النظرية؟ هل يمكن إثباتها  في المستقبل القريب؟  وكيف سيكون تصرفك في حال التقيت مع شبيهك في كون آخر؟

المراجع:
  1. https://www.livescience.com/25335-multiple-universes-5-theories.html
  2. ديفيس، بول. نسخة من العوالم الأخرى.1994، ترجمة حاتم النجدي
  3. غرين، برايان.الكون الأنيق: الأوتار الفائقة والأبعاد الدفينة والبحث عن النظرية اللانهائية. 2005، ترجمة د. فتح الله الشيخ
  4. https://www.scientificamerican.com/arabic/articles/features/string-theory-may-create-far-fewer-universes-than-thought/
  5. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D9%88%D8%A7%D9%86
  6. https://www.space.com/31465-is-our-universe-just-one-of-many-in-a-multiverse.html

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة