لطالما كان العنف في مجتمعاتنا العربية «سياق» تاريخي وليس ظاهرة اجتماعية فلا يمكن التغاضي عن الدور الواضح الذي تؤدّيه الأعراف الاجتماعية في تعزيز العنف ضد المرأة و لا يمكن تجاهل المعايير المجتمعية السلبية التي تؤدّي إلى عدم المساواة بين الرجل والمرأة، كما أنّها تُساهم في زيادة خطر العنف ضد المرأة و من اهم هذه تلك المعايير قبول المفاهيم الذكورية المرتبطة بهيمنة الرجال ومنحهم حق السيطرة على تصرّفات النساء، واللجوء إلى العنف كوسيلة لحلّ النزاعات وقبوله في المجتمع . وذلك بسبب محدوديّة الأطُر التشريعية والسياسية المتخصصة للوقاية من العنف ضد المرأة والتصدّي له، إضافةً إلى عدم وجود أيّة عقوبات لمن يُمارس ، أو سهولة الإفلات من العقاب في حال وجوده.
و يُمكن أن تكون المرأة نفسها أحد العوامل الرئيسية التي تؤدّي إلى ممارسة العنف ضدّها، ويكون ذلك عند خوفها الشديد من الرجل نفسه أو من المجتمع الذي تعيش ضمنه، فتضطر للسكوت عن العنف المُمارَس ضدّها والخضوع له، و تضطر المرأة للسكوت عن العنف في حال عدم وجود أيّ شخص تلجأ له لحمايتها عند تعرّضها لأيّ شكلٍ من أشكال العنف، بالإضافة إلى خوف معظم النساء من اللجوء للمحاكم وتقديم شكاوى بسبب قناعتهنّ بعدم وجود قوانين رادعة للعنف، إضافةً للضغط العائلي الذي قد تتعرّض له المرأة في حال تقديم شكوى ضد الرجل، وأحياناً قد يُجبرها الزوج أو ولي الأمر على التنازل عن كامل حقوقها سواءً القانونية أو الشرعية، فتلك الأمور مجتمعةً لا تُشجّع المرأة على اللجوء للقانون لردّ العنف عنها.