لقد ثبت في الحديث الشريف أن المتوفى ينتفع بدعاء الأحياء من بعده ويصله أجر وثواب هذا الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به وصدقة جارية وولد صالح يدعو له) وجاء فعل يدعو بالمضارع لاستمرارية الدعاء للوالدين بعد موتهما وفي هذا الحديث دليل أكيد وجازم أن الدعاء يصل للميت وخاصة الوالدين.
- وإذا استمر بالدعاء لأبيه أو لوالديه فقد حقق أمرين وفاز بهما وهما:
1- أنه ولداً صالحاً.
2- الدعاء لوالديه.
- والدعاء للأموات بشكل عام وللوالدين بشكل خاص هو من باب الوفاء. وأصدق البر هو البر بعد وفاة الوالدين لأنهم بحاجة إلى دعاء الابن ويصله الدعاء كهدية تقول له الملائكة هذه دعوة ولدك لك!!
- ولقد شرع الإسلام صلاة الجنازة؛ لأن المسلمين يدعون للميت بعد التكبيرة الثالثة يستغفرون له ويترحمون عليه، فالدعاء ينفع الميت بإجماع المسلمين، وهكذا الصدقة عنه فإذا دعا له أقاربه أو غير أقاربه نفعه ذلك، وهكذا الصدقة عنه والحج عنه والعمرة كل هذا ينفعه ويزاد في حسناته وفي ثقل ميزانه.
- وأما عن وصول الدعاء للميت يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ). رواه ابن ماجة
- وليس شرطاً أن يذهب المسلم إلى قبر المتوفى ويدعو له، فالدعاء يصل سواء كان الذي يدعو عند القبر أو في بيته أو مسجده أو سوقه أو في بلد آخر، إلا من حيث أن الدعاء عند قبره فيه فضيلة أخرى، وهو زيارة القبور، فهي سنة مستقلة تنفع الزائر بالذكرى والعظة، والمزور بالإيناس
- وأفضل دعاء للميت عند زيارته ما ورد عن النبي صلى عليه وسلم:"اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه، وقت فتنة القبر وعذاب النار" أخرجه مسلم.
- وهل يسمع المتوفى كلام الأحياء عند الدعاء لهم فوق قبورهم؟ فهذه المسألة قد اختلف فيها العلماء، فمنهم من قال بأنهم يسمعون كلام الأحياء، ومنهم من نفى ذلك.
واستدل المثبتون بأدلة منها:
أولاً: حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه - عن الميت - "إنه ليسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا ". متفق عليه.
ثانياً: حديث خطاب النبي صلى الله عليه وسلم قتلى بدر من المشركين - بعد أن تركهم ثلاثة أيام - "يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلف، فسمع عمر رضي الله عنه ذلك فقال: يا رسول الله! كيف يسمعوا وأنى يجيبوا، وقد جيفوا؟ فقال: " والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ". ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر. رواه البخاري ومسلم.
ثالثاً: فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يأمر بالسلام على أهل القبور فيقول: " قولوا السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون". الحديث. متفق عليه.
- وعليه: فمن خلال النظر إلى النصوص السابقة يتبيّن لنا أن المتوفى يسمع كلام الأحياء ولا يجب أن يكون السمع له دائماً، فقد يسمع في حال دون حال، وهذا السمع لا يترتب عليه جزاء لأنه سمع إدراك فقط.
- وأما قوله تعالى: (إنك لا تسمع الموتى) فإن المراد بذلك: سمع القبول والامتثال لأمر الله تعالى، والمقصود بالموتى هم الأحياء الذين سيموتون وليس الأموات، لأن الأموات انتهى إنذارهم وعرض الإسلام عليهم.
- كما أن الأموات ينتفعون بزيارة الأحياء لهم وبالدعاء لهم، وترتفع درجاتهم بالجنة بسبب هذا الدعاء، ولهم علينا حق الدعاء لهم دائماً.