الحساب يوم القيامة محطة من محطات يوم القيامة والإيمان به من مقتضيات ومستلزمات الإيمان باليوم الآخر .
- أما كيف سيحاسب الله تعالى الناس جميعهم في وقت واحد ؟ فالله لا يعزه شيء في الأرض ولا في السماء وهو على كل شيء قدير .
- وقال تعالى: ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ) {فاطر:44}
- فالله تعالى قادر على أن يحاسب الناس جميعهم في وقت واحد ،ولكن الذي ورد أن الحساب سيكون على مراحل ودفعات من الخلق فكما ورد في الحديث أن أول من سيحاسب هم الأنبياء ثم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم الأمم الأخرى .
- ففي الحديث الصحيح : ( نحن آخر الأمم وأول من يحاسب يقال أين الأمة الأمية ونبيها فنحن الأخرون الأولون ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وفي رواية : ( نحن الآخرون من أهل الدنيا الأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق، وهم يحاسبون على حقوق الله أولاً وأولها الصلاة ثم على حقوق العباد وأولها الدماء ) رواه مسلم .
- وعليه فإن أول حساب الناس سيكون على حقوق الله تعالى، وأولها المحاسبة على الصلاة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته) رواه النسائي والترمذي
- ثم سيكون حساب الناس على حقوق العباد : وأولها محاسبة المحاسبة على الدماء، لما فعن أبي وائل عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أول ما يقضى بين الناس في الدماء ) متفق عليه .
- أما بخصوص فضح المذنب الذي تاب . فإن الله تعالى لا يفضحه بل يستره - ودليل ذلك فعن صَفوانُ بنُ مُحرِزٍ المازِنيُّ قال : بيْنَما أنَا أمْشِي مع ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما آخِذٌ بيَدِهِ، إذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقالَ: كيفَ سَمِعْتَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ في النَّجْوَى؟ فَقالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ( إنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ ويَسْتُرُهُ، فيَقولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حتَّى إذَا قَرَّرَهُ بذُنُوبِهِ، ورَأَى في نَفْسِهِ أنَّه هَلَكَ، قالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وأَنَا أغْفِرُهَا لكَ اليَومَ، فيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وأَمَّا الكَافِرُ والمُنَافِقُونَ، فيَقولُ الأشْهَادُ ) : {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} سورة هود: 18
- فمن خلال هذا الحديث أن الله تعالى يفضح الكفار والمنافقين على رؤوس الأشهاد يوم القيامة بما عصوا وتجبروا وأظهروا العداوة للإسلام والمسلمين ، بينما المسلم الذي عمل الذنوب والمعاصي ولم يجاهر بالمعصية وستر نفسه وتاب إلى الله تعالى ، فالله يتوب عليه ويستره في الآخرة كما ستره في الدنيا ، وهذه من رحمة الله تعالى بالمسلمين .