كانت الموصل و ما زالت من اغنى المناطق العراقية بالثروات الطبيعية, فقد اكتشف النفط فيها عام 1888, و كانت هذه البذرة للمطامع الاستعمارية في كل من الموصل و كركوك من قبل القوى الاستعمارية بالمنطقة و هي بريطانيا و فرنسا, و عندما قسمت البلاد العربية ضمن اتفاق سايكس-بيكو, وقعت الموصل ضمن المنطقة (أ) الواقعة تحت النفوذ الفرنسي, و لكن حتى وقت توقيع اتفاقية التقسيم كانت الموصل ما زالت تحت القبضة العثمانية فلم يدخلها الجيش البريطاني الا في 18 تشرين الثاني 1918 اي بعد 16 يوم من توقيع اتفاقية مورديس ما بين الحلفاء و الدولة العثمانية التي كانت من المفترض ان توقف جميع الاعمال الحربية بين الطرفين, بالتالي فإن احتلال بريطانيا لاراضي الموصل كان غير قانوني لانه وقع بعد تفاقية وقف اطلاق النار و هنا نشأ خلاف جديد على هذه المنطقة فقد طالبت حكومة الاستانة العثمانية الجيش البريطاني بالانسحاب من الموصل و ضم اراضي الموصل بشكل مباشر للاراضي العثمانية لأن اتفاقية مروديس التي اوقفت الاعمال الحربية نصت على استسلام الجيوش العثمانية في كل من الحجاز و اليمن و دول الشرق و لم تنص على الاستسلام في ولاية العراق او تسليمها لبريطانيا و هنا تدخلت عصبة الأمم لحل هذا الخلاف بارسال بعثة أممية للموصل, و أوصت هذه البعثة بعد ذلك بالإبقاء على الموصل ضمن حدود العراق الواقع تحت الانتداب البريطاني و هكذا أصبح انتداب بريطانيا للموصل انتداب قانونياً على الرغم من وقوع الموصل ضمن المنطقة (أ) تحت النفوذ الفرنسي.
و كانت قد قدمت بريطانيا عدة حجج لتبرير دخولها للموصل أهمها حماية طريق الهند الذي يمر عبر البصرة و بغداد, و تأمين حقول النفط و خطوط امداده للعالم الحديث, و لكن فرنسا سعت للحصول على قطعة من الكعكة في مؤتمر سان ريمو 1920 فحصلت الشركات الفرنسية على جزء من مخصصات حقول النفط في البصرة, و يرجع بعض المؤرخين عدم إلحاح فرنسا في مطالبها باراضي الموصل لحصولهم على حصص النفط هذه, فقد نالت الشركات الفرنسية هذه الحقوق دون ان تكلف الحكومة الفرنسية مصاريف و عناء انتداب الموصل التي كانت منطقة نزاع لجميع الاطراف و ذلك لمطالبة البريطان و العثمانين و حتى الاكراد بحقوقهم في ارض الموصل, فقد كان الهدف الاساسي للمطالبة الفرنسية بمنطقة الموصل باتفاقية سايكس بيكو منذ البداية هو النفط و ليس الارض نفسها.
و كما تعلم عزيزي القارئ فان تلك المرحلة كانت معقدة و مليئة بالتقلبات لذا فإن فهم مسألة الموصل بشكل معمق غير ممكن الا بالبحث العميق في المراجع و الكتب و هنا اوصيك بقرأة كتاب The Creation of Iraq: 1914-1921للكاتب ريفا سبيكتور سايمون و الكاتب إلينور تيجرين, فقد ساعدني هذا الكتاب في فهم مشكلة الموصل و بفهم النظرة الاستعمارية للدول العربية ما بعد الحرب العالمية الأولى.