كانت الإمبراطورية البابلية حافلة بالمكتبات المنتشرة في مختلف البلدات والمعابد. وقد وصلتنا إحدى الحكم السومرية القديمة التي تقدم لنا نصيحة ذهبية قائلة: "على من يريد أن يتميز في مدرسة الكتابة أن ينهض مع طلوع الفجر". تعلم عدد من الرجال والنساء على حدّ سواء كيفية القراءة والكتابة. وبما أنّ البابليين كانوا يتكلمون بلغة سامية، فقد توجب عليهم تعلم اللغة السومرية المندثرة، بالإضافة إلى نظام كتابة معقد وشامل يعتمد على مبدأ المقاطع الصوتية، بهدف الاستعداد للاندماج في عالم الإنتاج الأدبي والإبداعي في بلاد الرافدين.
تُرجم قسم كبير من الأدب البابلي من مصادر أصلية مكتوبة باللغة السومرية، وحافظت لغة السومريين القديمة على مكانتها كلغة هامة في الإطارين القانوني والديني. ولذلك جرى تجميع لوائح للمفردات وكتب نحوية وترجمات بين اللغتين كي ينتفع الطلاب بها في دراستهم، بالإضافة إلى كتابة شروح للنصوص القديمة وتوضيحات للكلمات المبهمة والعبارات الغامضة.
ولا تزال العديد من الأعمال الأدبية العراقية القديمة تُدرّس اليوم في الجامعات العالمية، ومن أكثرها شهرة ملحمة جلجامش الأسطورية المكتوبة في اثني عشر مجلداً، وهي مُقتبسة عن بعض الآداب السومرية، وقد رتبت وفقاً للمبادئ التصنيفية المتبعة في ذلك الوقت، فتضمن كل قسم قصة حكاية أو مغامرة من مسيرة حياة جلجامش.
وهكذا نجد أن بلاد الرافدين كانت تربة خصبة نمت فيها أشجار الآداب والمعارف وازدهرت حركة الترجمة لأهميتها في كسر الحواجز بين الشعوب.