كيف كان ليكون حال الخليقة لو لم يأكل سيدنا آدم عليه السلام من الشجرة المحرمة

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٧ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 1- لو لم يأكل آدم من الشجرة وبقي في الجنة ، لما تحققت حكمة الله تعالى من خلق آدم وهو ليكون خليفة الله في الأرض ، فقد قرر الله تعالى أن يكون فخليفة في الأرض قبل خلقة، قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) سورة البقرة (30)
 
2-  ولو أن آدم وحواء لم يأكلا من الشجرة وبقيا في الجنة ، فإنهم لن يخرجوا من الجنة أبداً، وما تسلط عليهم إبليس بالشهوات والشبهات والفتن والإغواء والمعاصي .

3- وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - كما في اللقاء المفتوح: فلولا هذا ما عشنا في الأرض ولبقينا هناك .
 
4- وقد روى الفريابي في كتابه القدر عن خالد الحذاء أنه سأل الحسن البصري - رحمه الله تعالى - قائلًا: أَرَأَيْتَ لَوِ اعْتَصَمَ، فَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الشَّجَرَةَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لِلْأَرْضِ خُلِقَ .
 
- ولكن حكمة الله تعالى اقتضت أن يأكل آدم وحواء من الشجرة :   
1- قال الله تعالى : ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 35]
 
2- وقال الله تعالى : ﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)  ﴾ [الأعراف: 19-20] .

- فالحكمة من تحريم آدم الأكل من الشجرة هي :
1- اختبار وإمتحان لآدم عليه السلام في الالتزام بأمر الله تعالى أم لا .

2- هي بمثابة دورة تدريبية لآدم عليه السلام في إغواء الشيطان ووسوسته له في الأكل من الشجرة ، وأن هذا الشيطان هو عدو وليس صديق مخلص ، وأنه يجب عليك ولا ذريتك من بعدك أن تتخذوه عدواً .

3- لو تم إنزال آدم إلى الأرض قبل هذا الإختبار والإمتحان لما عرف آدم الخطأ من الصواب ، ولما عرف عدوه الحقيقي وهو إبليس اللعين .

4- وحتى يبين الله تعالى لنا ضعف النفس البشرية ، وأنها تهوى العصيان والذنوب ، وأنه يجب علينا عدم طاعتها .

5- ومن الحكم الربانية في ذلك هي دور الشيطان في تزيين المنكر في نظر الإنسان، وأن له قوة كبيرة في إغواء البشر فيجب عليهم أن يحذروه.

6- وليبين الله تعالى لنا أن علمه لا يتعلق بإرادة الإنسان ، وليس له تأثير على إرادته ، فالله تعالى لا يريد لآدم ولزوجه أن يأكلا من الشجرة ، ولكنهم أكلا منها بكامل وعيهما وإرادتهما، وهذا لا يتعارض مع علم الله تعالى ، لأن الله تعالى يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف سيكون .

7- ومن الحكم أيضاً أنه تعالى قبل توبة آدم ليجعل باب التوبة مفتوحاً لكل من تسول له نفسه بالمعاصي وطاعة الشيطان وقبول وسوسته، فمهما كان الشيطان قوياً في الوسوسة والإغواء، فإن رحمة الله تعالى أكبر وهي قريبة من كل تائب .

8- ولأن من حكمة الله تعالى المسبقة أن يكون آدم عليه السلام خليفة الله تعالى في الأرض وليس في السماء ، بدليل قوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]

9- أن طاعة الله تعالى بمثابة الأمان والستر للإنسان، ومعصيته تعني الفضيحة بدليل أنهم عندما أكلوا من الشجرة بدت لهما سوآتهما / قال الله تعالى : ( فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) سورة الأعراف(22)

10- أن طبيعة الإنسان يحب الخلود ولا يحب الموت، ويحب الجاه والسلطان والملك والمال ، فأراد الله تعالى أن يبين له أن كل هذه الأمور زائلة ولا يبقى إلا العمل الصالح والذي يتحصل بمخالفة الشيطان . قال الله تعالى : (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ