كيف تٌفهَم الحرية سلوكاً مشروطاً؟

1 إجابات
profile/بتول-المصري
بتول المصري
بكالوريوس في آداب اللغة الانجليزية (٢٠١٨-٢٠٢٠)
.
١٣ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 
     إن مصطلح الحرية من أكثر المصطلحات التي باتت تستخدم من قبل كل كبيرٍ وصغير. وعلى الرغم من أهمية اطلاع الفرد على هذا المفهوم، وفهم المغزى منه، إلا أن الكثير الكثير من هؤلاء لا يزالوا لا يفهمون حقيقة هذا المصطلح، وعلى ماذا يشمل من شروط.


     ستبدو كلمة شرط مناقضة لكلمة الحرية، أليس كذلك؟ إلا أن الحقيقة غير ذلك، إن الحرية مشروطة لا لشيء إلا لأننا أفراد نتشارك العيش معًا كمجتمع، وبذلك فإن الحرية المطلقة أمرٌ يستحيل تطبيقه دون التسبب بأذى أو ضرر لفردٍ آخر بأي شكل من الأشكال.


     الحرية بمفهومها العام هي إمكانية الشخص اتخاذه لأي قرار يناسبه دون أي ضغط خارجي أو إجبار أو شروط. وهي أيضًا العيش بمنأى عن أي قيود جبرية بغض النظر عن نوعها إن كانت مادية أو نفسية أو اجتماعية… إلخ. وإن الحرية من شأنها أن تكون اجتماعية، أو سياسية أو مادية أو غيرها من الأنواع. وقد حملت هي أيضًا العديد من التفسيرات والتعريفات تبعًا للأفكار الفلسفية، والعلوم المختلفة، والثقافات المتعددة. لذا فإن لا شيء قادر على حصر مفهوم الحرية بأي شكلٍ كان.


     ولا شك في أن سعينا للحرية هو أمر فطري فينا، نسعى له منذ الأزل. لذلك قامت الحروب والنزاعات، ولذلك أيضًا رفعت رايات الثورات، ولأجلها ماتت الكثير من الأرواح. لكن ما زال هناك فجوة نتجاهلها في طريقنا نحو الحرية، أنها لا تخرج عن كونها مشروطة، ولأسباب لا يمكننا التغاضي عنها، فهي فقط محدودة. ربما سمعت سابقًا عن مقولة "تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين"، وأيضًا مقولة مونتسكيو "الحرية هي ما يسمح به القانون". إن تلك المقولتين وغيرهما أوضح ما نملك من تفسير عن حقيقة العيب الذي تحمله الحرية كسلوك. فحتى تمارس حريتك بالعيش، هناك آخر يعيشها، لذا لا تملك حرية القتل حتى يتسنى للآخر أن يحافظ على حريته في العيش. من هنا تعرف أن الحرية ليست في كل شيء، وليست أيضًا كل شيء.


     لا أرى أن الحرية تُفهم سلوكًا مشروطًا، بل عليها أن تكون سلوكًا مشروطًا ومراقبًا. رغم فطرتنا التي غالبًا ما تحثنا على الخير، إلا أن هنالك بعض الشرور فينا، والكثير من الشرور في بعضنا. وإن تركنا الحرية مباحة بمطلقها للجميع، لن تعم الفوضى فقط، بل سنكون على موعد مع مجازر كأقل تقدير! وكذلك الأمر مع الكثير من الجوانب ليس فقط القتل. 


     لا أبرر بذلك الكلام الحكم الدكتاتوري، إلا أنني أنادي دائمًا وأبدًا بتحجيم الحرية لحجمها المنطقي التي تجبر كل فرد على إلتزام حدوده، وممارسة كل ما يخطر له على بال طالما لا يتعدى حدود غيره، ولا ينتهك حريات الآخرين بحجة ممارسته لحريته. لذلك وضعت القوانين، ولذلك خلقت الحدود والعقوبات، ولا عذر لمن يعارض ذلك.