من وجهة نظري البسيطة، فإن الذكاء قد يصعب قياسه بالطرق التي نتبعها، فالذكاء ليس محصورًا بالذكاء المنطقي الذي تعتمد عليه اختباراته. وقد يلعب الحظ ووجود التحيزات والاختلافات عند إعادة الاختبار نفسه دورًا هامًا في موثوقية هذه الاختبارات. وحتى هذه اللحظة، لا يوجد تعريف معتمد بين علماء النفس وعلماء الاجتماع والأحياء وغيرهم على مفهوم الذكاء وسماته.
لكن بالنسبة للعلماء فيمكن عمل قياسات على الذكاء بطرق معينة. في دراسة جديدة من جامعة إدنبرة، وجد العلماء أن مساهمة بعض المتغيرات الجينية الوراثية النادرة في تغيير مستوى الذكاء. قال الدكتور ديفيد هيل: "وجدنا أن أكثر من 50% من الاختلافات في الذكاء بين الأفراد تعود إلى الجينات". حتى أنهم قارنوا ما بين وجود هذه المتغيرات الجينية النادرة مع بعض السمات الجسدية مثل طول القامة وعدم التدخين على الأغلب، وصعوبة الإصابة ببعض الأمراض منها، الزهايمر والانفصام والبدانة والاكتئاب. وفي دراسة أخرى من من جامعة بلفيلد الألمانية، اعتقد الباحثون أن الذكاء وراثي بنسبة 40% للأطفال، و 60% للبالغين. وقد يعزى ذلك لبحث الأطفال عن وممارسات مترابطة مع االنزعات الجينية خاصتهم.
إن القدرة الإدراكية العامة للأشخاص والتي تعرف باسم الذكاء، تتأثر جوهريًّا بالجينات. والتي تشرح نصف الفروقات بين البشر، أما النصف الآخر يعتمد على عوامل التنشئة. فالأطفال الذين تم تبنيهم في بيئات بعيدة عن آبائهم البيولوجيين يكون مقاربين في ذكائهم لأبائهم هؤلاء، ولا يشبهون آبائهم المتبنين. وعند عمل دراسات حديثة حول مئات الآلاف من الأشخاص تبيّن أنّ 5% من فروقات الذكاء تنسب إلى الجينات. لذلك يحاول العلماء الربط ما بين الأحماض النووية وما بين الجينات والذكاء والأمراض المتعلقة بالإعاقات الذهنية التي تمنع تطور معدلات الذكاء لدى من يصابون بها، أو على الأقل التخفيف من تأثيراتها عليهم.
وقد تتأثر درجات معدل الذكاء بتجارب ثقافية محددة، مثل التعرض لعادات لغوية معينة والمعرفة منذ سن مبكرة بالتركيز على قضاء قدر كبير من الوقت في طرح أسئلة محددة قائمة على المعرفة للأطفال والتي لها إجابة واحدة "صحيحة".
تشير الدراسات أن الحالة الاجتماعية والاقتصادية للعائلات قد تؤثر على نمو ذكاء أطفالهم، لما لها من تأثير على الوضع الهرمي الاقتصادي والاجتماعي للأسر. كما يميل الآباء ذوي الدخول المرتفعة لإفراغ طاقاتهم وقضاء وقتهم مع أبنائهم، وبناء مهاراتهم الفكرية، وزرع قيمة التعليم كوسيلة لتحقيق الذات. لكن هذا لا يقتضي أن يكون صحيحًا، فمعظم الأذكياء قد تربوا في بيئات فقيرة إلى متوسطة الحال.
كما وجد الباحثون أيضًا أن مقدار الوقت الذي يقضيه الأطفال في المدرسة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بدرجات معدل الذكاء. الوقت النوعي لا الكمي فقط. فالوقت المستخدم للتدريب على الأسئلة الواقعية، وحل المشكلات، والتعلم التعاوني بمجموعات محددة من المعرفة، والتي تُعدّهم للإجابة على أسئلة الذكاء والتي تم صياغتها على طول الخطوط المتشابهة والتي تعتمد على نفس الهيئات من المعرفة التي تدرس في المدرسة، سيجعل الأطفال أكثر استعدادًا للرد على أسئلة نمط الذكاء في حالة الاختبار، ولذلك، يميلون إلى أداء اختبارات معدل الذكاء بشكل أفضل من الأطفال الذين ليس لديهم نفس القدر من هذا النوع من الاستعداد. لذلك، فإن الأطفال الذين يفوتون فرصًا تعليمية لأنهم غالبًا ما يتغيبون عن المدرسة أو يتغيبون عن المدرسة، أو لأنهم يغيرون المدارس على نحو متكرر يمكن أن ينتهي بهم الأمر بعدم الإنجاز أو الحرمان عند إجراء اختبار الذكاء.
المراجع: