بدأت التطور التقني في دول شرق آسيا بعد الحرب العالمية الثانية من هونج كونج وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتاويان، وحملت هذه الدول بالإضافة إلى هونج كونغ اسم النمور الآسيوية الأربعة.
فشكلت هذه النمور المعجزة الآسيوية، ويعزى ذلك إلى التحول الصناعي فائق السرعة والتطور الذي شهده العالم أجمع، وأثبتت هذه الدول جدارتها تقنيًا حتى على أعقاب الأزمة المالية العنيفة في العام 2008، إذ برزت على أنقاضها لتثبت كفاءتها مرة أخرى.
وجدير بالذكر أن استقرار البيئات الاقتصادية والسياسية في دول شرق آسيا، مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان وتايوان وهونغ كونغ وربما سنغافورة، أتاح نمو مختلف القطاعات وتطورها. وكثيرًا ما تستثمر الشركات الخاصة في قطاع الأتمتة بينما تستثمر القطاعات العامة في البنية التحتية. عندما يتعاون كلا القطاعين العام والخاص، فإنهما ينتجان مؤسسات رائدة في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
ومنذ أوائل القرن العشرين، كانت شرق آسيا موطنًا لاثنين من أكبر الاقتصادات في العالم، إذ احتلت الصين القارية واليابان ثاني وثالث أكبر اقتصاد على التوالي. ومنذ منتصف القرن العشرين، اندمجت الرأسمالية مع الطبيعة الكونفوشيوسية لشرق آسيا، إذ حملت المبادئ الكونفوشيوسية قيمة اقتصادية كبيرة في شرق آسيا عمومًا والصين خصوصًا، والتي ارتكزت على بناء نظام اجتماعي أخلاقي اقتصادي عادل.
تحول اقتصاد شرق آسيا إلى معجزة اقتصادية حديثة في ظل مجموعة من التحديات الاجتماعية والسياسية. وأدت الجهود المتواصلة الرامية إلى تحويل شرق آسيا نحو اتجاه رأسمالي إلى نتائج ملحوظة من ناحية المرونة والدينامية والنمو والازدهار الاقتصادي.
وحتى وقت متأخر من منتصف القرن العشرين، ظلت منطقة شرق آسيا غير صناعية ومنكوبة بالفقر وممزقة بفعل ويلات الحرب العالمية الثانية. لكن منذ ستينيات القرن العشرين، حققت اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وهونج كونج وماكاو والصين القارية انطلاقة اقتصادية حديثة، ما جعل النهضة الاقتصادية لشرق آسيا الحديثة أحد أهم قصص النجاح الاقتصادي في تاريخ العالم الحديث.
وعلى الرغم من مرور شرق آسيا بعقود من الانتكاسات والاضطرابات، أصبحت الآن واحدة من أكثر المناطق مزدهرة اقتصاديًا ومتقدمة تكنولوجيًا في العالم، وذلك بفضل مواكبتها العصر الحديث وتركيزها على التكنولوجيا المتقدمة، التي سمحت لشرق آسيا بتسجيل هذا النمو الاقتصادي السريع.
وفي ظل ازدهار النمور الآسيوية الأربعة، تأثرت الدول المحيطة بها وانتشرت حمى التقنية في جميع أنحاء آسيا. فبدأت دول مثل فيتنام والفلبين والصين بالانجراف نحو التقنية والانضمام إلى ذلك التكتل الآسيوي التقنية. وأصبحت المراكز التقنية الآسيوية تتنافس فيما بينها لإنتاج آحدث التقنيات وأكثرها عصرية لأسر أنظار المستهلكين من جميع أنحاء العالم.