كيف تفسر انحسار ثقافة المسرحيات أكثر في عصرنا الحالي؟

1 إجابات
profile/ندى-ماهر-عبدربه
ندى ماهر عبدربه
مدربة فنون تشكيلية في مؤسسة بصمة فن الثقافية (٢٠١٩-حالياً)
.
٣١ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
"نحن أولئك الممثلون الذين دفع بهم إلى المسرح دون إعطائهم دوراً محدداً دون مخطوطة في اليد، ودون ملقن لهم بما عليهم أن يفعلوا ، ‏إنّ علينا وحدنا أن نختار كيف نعيش حياتنا."
جان بول سارتر
كل منا ممثل يحمل نص قدره الذي يكتب فيه ماضيه، و يخط حروف حاضره، و يرسم فيه مستقبله، ولعل المسرح هو صورة مصغرة عن حياتنا يعكس فيها طيف كل احد التجئ اليه، و لامست نقرات خطواته خشبته، لتمكن العالم من سماع صوت روحه و تؤيل ما تخفيه أقنعة الواقع التي ما تلبث أن تسقط عند أول فتحة ستارة. 

بالنسبة اليّ، أعتبر المسرح الوجهة الوحيدة التي تنتشلني من غياهب الواقع، كأنه يخلق بداخلي شعور الوطن عند كل خطوة اخطوها على خشبته، والتي تجعل كل ما عدا أرضه تنسب للمنفى.
يعتبر المسرح أب الفنون، و أول الفنون ممارسة من قبل البشر حيث عرفت فنون المسرح عبر العصور، و مارسها الإغريق، و الرومان حيث كانت الحضارات القديمة تعتبره الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الفن، و نشر الجمال، و الابداع اللذان يجسدهما الفن. 
لكن هذا الفن العظيم بدأ في الانحسار لاسيما المسرحيات التي تعبر عنه، و خصوصاً في وقتنا الحالي، و لعل السبب يعود الى انتشار التكنولوجيا و توجه الأفراد نحو السينما، و شبكات التواصل الاجتماعي، و غيرها من الوسائل الحديثة التي تعرض الفنون بصورة أقرب للفرد و تمنحه الوصول اليها عبر كبسة زر، مما جعل من ثقافة المسرحيات تنحسر و تسدل ستائرها على العديد من الأعمال المسرحية التي لم تجد الفرصة لترى النور. 
لكن، و مع هذا الانحسار الذي أصاب الثقافة المسرحية، الا وان التكنولوجيا تدخلت و اسست قاعدة حديثة لتبنى عليها أعمدة المسرح من جديد، ومن هذا المنطلق ظهرت العديد من أشكال المسرح التجريبي المعاصر الذي خرج عن القالب التقليدي للمسرحية و دعمها بمختلف التأثيرات الفنية من الاضاءة والصوت، و اضاف اليها الطابع الحديث الذي عمل على استقطاب أفراد المجتمع و مواكبة افكارهم التي تنتمي الى العصر الحديث. 
من وجهة نظري ومع انحسار الثقافة المسرحية، الا ان هناك بصيص أمل، وان المسرح سوف يبقى من اهم الثقافات التي تعبر عن الفنون بشتى انواعه، ا و ترفع راية السلام في كافة أرجاء الارض، لذلك لا خوف على المسرح فمع كل جزر يأتي المد الذي يبقي المسرح خالداً و يمكنه من تمثيل قاعدة فنية لا يمكن تجاوزها، فهو صوت المجتمع في الماضي و الحاضر و المستقبل.