" (لينى) الشخص الذي استقبلني في المطار سيقوم بمرافقتي طوال رحلتي في فنزويلا لأسباب أمنية!"
هذا ما قاله المدوّن في قناة indigo traveler عندما ذهب للمرة الأولى في رحلته السياحية إلى فنزويلا، البلد التي لطالما كانت تتصدر القارة الأمريكية الجنوبية بالاستقرار والنمو الاقتصادي على خلاف جاراتها.
ثم ما لبثت أن تتحول إلى ما يشابه مخلفات حربٍ أهلية، زيادة في نسب البطالة، قلة إنتاجية أفرادها، سوء الأوضاع المعيشية لدى السكان، والأسوأ هو نسب التضخم المرعبة؛ حيث أن قرابة 1.8 مليون بوليفار فنزويلي يقابل 1 دولار الأمريكي حالياً، مع العلم أنه وقبل أقل من سنتين كان الدولار يساوي 6000 بوليفار.
معدلات الدخل الفريدة من نوعها
ناهيك عن ذكر معدل الدخل الفردي للمواطن الفينزويلي الذي كان قبل 10 سنوات قرابة الـ 24000 دولار، هو الآن قد وصل إلى أقل من دولار واحد شهرياً. مفاجأة أليست كذلك؟!
السبب الرئيسي لذلك هو اعتماد الدولة على القروض وسدادها عن طريق العائد من تصدير النفط، ووبعدالهبوط المفاجئ لأسعار براميل النفط في العالم شعرت الحكومة الفنزويلية بالتهديد وبدأت بطباعة المزيد من العملة، تسبب ذلك بارتفاع مؤشرات التضخم وانخفاض حاد في قيمة العملة الفنزويلية مما تسبب بالفقر.
كيف يعيش الشعب الفنزويلي إذاً؟
عامة الناس في فنزويلا يعتمدون على مصادر دخل خارجية، ففي كل عائلة تقريباً شخص واحد على الأقل يعمل في الخارج ويرسل ما يكسبه من عمله إلى عائلته في فنزويلا.
يمكن القول بأن ما تعتبره في بلدك ممارسات لأشخاص عاديين كأن تذهب مثلاً إلى مقهى مع الأصدقاء وتتناول بعضاً من الحلويات مع كوب من القهوة، فإن الأمر مختلف في فنزويلا.
تقتصر هذه الممارسات لمن يملكون المال فقط من الشعب الفنزويلي، أعني بذلك من سيفكر بدخول مطعم ليدفع فاتورة بقيمة 20 دولاراً ودخله الشهري لا يتجاوز الـ 5 دولارات.
الشعب الفنزويلي كغيره من الشعوب فيه يوجد الغني والفقير، ولكن هنا ستجد مفارقة كبيرة؛ فلو مثلاً سرت في شوارع الأغنياء سترى رجال الأعمال وكبار الشخصيات يعيشون في قصورهم المطلة على أحياء واسعة ومزدحمة بمن لا يملكون قوت يومهم.
ما سبب ذلك كله؟
الفساد في إدارة الدولة، فنحن نتحدث عن دولة تحوي واحداً من أكبر احتياطيات النفط في العالم، إلى جانب ثروات هائلة من الذهب والألماس وغيرها من الموارد الطبيعية، فكيف لدولة غنية كهذه أن تعيش مأساة اقتصادية إلا بسبب وجود تلك السلطة الفاسدة.
أين الشعب من هذا؟
بحلول عام الـ 2000 وبوجود 24 محطة تلفزيونية مستقلة و 3 حكومية فقط وبتطبيق نصوص الدستور التي تصون حريات التعبير عن الرأي، من الطبيعي جداً أن تشعر بأنك تراقب أعمال حكومتك باستمرار وأنك قادر على معارضتها، ووهيبدورها تشعر أنها مراقبة من قِبل الشعب.
لكن هل استمر الأمر بهذا الشكل؟ بالتأكيد لا، فقد استحوذت الحكومة في الـ 2014 على أكثر من نصف المحطات الفضائية بنسبة 54% وتقوم بإخضاع الباقي إلى رقابة صارمة.
ما عدا القضايا المرفوعة ضد الصحافة الفنزويلية والتي تجاوزت الـ 350 دعوى تخص انتهاك حرية التعبير.
يُفهم من ذلك سبب تغيّب الرأي العام عن تلك الحوادث.