القرآن كان واضحاً وكافياً شافياً في إجابة هذا السؤال ، فقد وردت قصة موسى عليه السلام في القران مفصلة تفصيلا لم تفصله قصة نبي آخر ، حتى كان بعض السلف يقول ( كاد القران كله أن يكون لموسى عليه الصلاة والسلام ) .
وقصة تربية موسى في قصر فرعون جاءت مفصلة في مواضع ومجملة مختصرة في مواضع أخرى من القران ، بحسب السياق وما يناسبه .
فأكثر ما جاءت مفصلة في مطلع سورة القصص الآيات ( 1- 13 ) :
( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) ۞ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) )
ووردت القصة مختصرة أحسن اختصار في سورة طه الآيات ( 38 -40 ) :
(إذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ ۖ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ۚ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ۚ فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ (40).
والقصة واضحة ظاهرة لا تحتاج تفسيرا ، فالله سبحانه أراد أن يعلم فرعون - والطغاة درسا - أن الملك لله وحده وأنه المدبر الفعال لما يريد لا غالب لأمره .
ففرعون الذي أمر بقتل أطفال بني إسرائيل خشية طفل يكون زوال ملكه على يده ، جعل الله تربية هذا الطفل - وهو موسى - على يده وفي قصره ، حتى كان هو الذي ينفق عليه ، و الوسيلة إلى ذلك المحبة التي ألقاها في قلب زوجة فرعون آسيا حتى شفعت له عند فرعون ليترك لها هذا الطفل .
ثم كان التدبير الإلهي أن يرجع موسى لأمه التي رمته في النيل خوفا من فرعون ، فكان قدر الله أن يكون فرعون هو الذي يرجعه لها وينفق عليه ، فتربى في حضن أمه كما أحبت وتحت عينها وبحراسة فرعون وعينه ونفقته .
وهذا من عظمة الرب سبحانه !