أفهم أننا نعيش في عالم صعب جدا، وأن كل شخص فينا ينظر الى احتياجاته الشخصية، عالمنا مبني على التنافسية في جميع المجالات، كل واحد فينا يريد أن يكون الأحسن والأفضل والأقوى، كلنا نهرول لسد احتياجاتنا قبل أن يسبقنا الآخرون، لذلك لم يعد هناك مكان للناس الطيبين والذين لا يحبون مضايقة الآخرين، والذين لا يفكرون في سداد احتياجاتهم قبل احتياجات الآخرين، هذا النوع اللطيف من الناس يفتقدون مبدأ التعامل بالحزم، وفي الحقيقة، ليس الكل يفهم معنى الحزم، ولا الجميع يعرفون كيفية تطبيقه.
الحزم هو أن تكون قادرا على التكلم عن نفسك، وعلى إخبار نفسك والآخرين باحتياجاتك، وقادر على أن تكون (لا) للشخص المقابل لك دون التردد أو الخوف من خسارتهم.
للتحول من الشخصية اللطيفة زيادة عن اللزوم الى الشخصية الحازمة، عليك القيام ببعض الأمور:
أولا:
أن تتواصل مع نفسك لمعرفة احتياجاتك، وأن تضع الحدود بينك وبين الناس، وهي أمور لا يستطيع الكثيرون القيام بها، فتجد الشخص لا يعرف ماذا يريد وماذا يحتاج أصلا، أو تجده لا يعرف ما هو الأسلوب الذي يفضل أن يعامل به من قبل الناس، أو لا يستطيع تحديد إن كان الأسلوب الذي عومل به كان أسلوبا جيدا أم لا، على عكس الشخصيات الحازمة الموجودين حولنا وفي حياتنا، فتجدهم يعلمون بالضبط ما هو الأسلوب الذي يحبذون أن يتعامل معهم به الناس.أما في موافقتك أنت على كل شيء، وعندما لا تبدي أي استياء من أي أمر، وغير عارف لماهية الشيء الذي تريده وتحتاجه، وعند عدم صنع حدود بينك وبين الآخرين، فإنك بطريقة التفكير هذه، تفقد حقا مشروعا من حقوقك.
ثانيا:
يجب أن يكون لديك ثقة في الاحتياجات الموجودة عندك، وهنا لا أقصد الثقة الموجودة داخلك، إنما أقصد بها الثقة التي تظهرها للناس عندما تذكر لهم احتياجاتك، فإن كنت مثلا تتضايق من طريقة معينة يعاملك بها الناس، من الأفضل لك أن تعبر لهم عن هذا الأمر الذي يضايقك وانت واثق من نفسك و من الكلام الذي تقوله لهم، حتى يشعر الآخرون بوزن كلامك وأهميته ليقوموا بالتجاوب معك. أما لو عبرت عن شيء ما، لا تحبذه ولا يعجبك في طريقة المعاملة، وكان تعبيرك بطريقة ضعيفة أو مهزوزة، فلن يأخذك أحد على محمل الجد.
ثالثا:
عليك أن تفكر بالموضوع كما يلي: أن احتياجاتك أمر خاص بك أنت وليس لأحد أن يتدخل بها، ولا لأي أحد أن يحكم عليك، أنت تعرف احتياجاتك بنفسك، وأنت من يعبر عنها، وعليك الا تشعر بالذنب تجاه الآخرين إن قمت بالتعبير عن نفسك وعن احتياجاتك، فإن طلبت من شخص ما أن يتحدث معك بأسلوب معين لأن أسلوبه الحالي يسبب لك ازعاجا مثلا، فيجب ألا تشعر بالذنب تجاهه بأنك ضايقته، فلا تتراجع عن فكرتك ولا تشعر بذنب.
رابعا:
حاول أن تتجه الى فكرة "win- win" أي المكسب المشترك، أنا أكسب وأنت أيضا تكسب، بطريقة من طرق التفاوض، عندما تتحدث مع شخص ما وتريد منه شيئا معينا، كأن تخبره الاحتياجات الخاصة بك، وفي نفس الوقت تذكر له الأشياء التي يحتاجها هو أيضا، هدف هذه الطريقة الأساسي هو أن تكون في حالة حزم بدون عدائية، أي أن أراعي احتياجات الناس وأنا أخبرهم باحتياجاتي، مثال على ذلك، لو كنت أنت موظفا في شركة، ولم تحصل على ترقية منذ وقت طويل، وعندك إحساس بأنك لم تأخذ فرصتك في عملك، و قررت أن تذهب لتتحدث مع المدير بحزم، رغم أنها ستكون محادثة حرجة، ولا تريد أن تتفوه بأي كلمة خاطئة، فأقترح عليك أن تخبر المدير بأنك تحتاج أن تتحدث معه في موضوع مهم جدا بالنسبة لك، وتخبره بأن لك سنوات تعمل بجد في منصبك الحالي، وأنك تطمح الى منصب أعلى، وأن تطلب منه أن يخبرك ما هي متطلبات ترقيتك لتستحقها، وما هو الوقت اللازم للحصول على هذه الترقية، فمرونتك بالحديث معه، ستوصلك الى احتياجاتك في الشركة بصورة أسهل و أسرع.