أول ما عليك فعله حتى تكسبي الطفل ثقافة الاعتذار أن تظهري الاعتذار من قبلك كسلوك مفضل وطبيعي، وعدم اقتصار الاعتذار على أشخاص أو مواقف معينة ومحددة، اجعلي الاعتذار مقدم للجميع بلا استثناء في حال ارتكاب سلوك خاطئ أو غير مقبول أو سبب الأذى النفسي أو المعنوي، فمثلا يمكن أن تقدمي الاعتذار للطفل في حال شعرت بالغضب ووجهتي له التوبيخ نتيجة شعورك بالضيق ولوجود ضغط نفسي معينًا، هنا يمكن أن تقولي للطفل أنا آسفة لأنني قمت بالصراخ عليك وتوبيخك أنا أحبك جدًا وأرجو أن تسامحني.
في حال حدث سلوك خاطئ كان سبب في إتلاف ما للطفل من أملاك توجهي للطفل واعتذري عن السلوك وقدمي الحل، فالاعتذار وحده قد لا يكون كافي في ثقافة الاعتذار فحتى يكون الاعتذار ذو نتيجة لا بد من أقرانه بحل ما أو بالكف وعدم القيام بالسلوك من جديد, فالتعويض سبب في تخفيف المشاعر السلبية وسبب في إكساب الاعتذار قيمة بالنسبة للطفل.
حاولي إكساب الطفل قيمة للاعتذار في الوقت والمكان المناسب، لا تحاولي أن تطلبي من الطفل الاعتذار عن سلوكياته الخاطئة في حال وجوده ضمن نوبة غضب، فهنا سيكون الاعتذار بمثابة التحدي بينك وبينه وقد يزيد هذا الأمر من سلوكيات العناد لدى الطفل، وعليه وحتى يكتسب الطفل قيمة الاعتذار لا بد من نقلها عن طريق الحوار والمناقشة وطرح الأسئلة، فيمكن أن تطريحي أسئلة على الطفل تساعده على معرفة أثر الاعتذار مثل:
- ماذا ستشعر في حال قام أحد زملائك بضربك؟ بعد الإجابة يتم طرح السؤال التالي مباشرة: ماذا ستشعر في حال جاء الصديق وقدم لك الاعتذار وقال لك أنا آسف وأنا أحبك كثير ولم أقصد إيذاءك؟
- ثم يكمن طرح سؤال ما هو السلوك الصحيح من قبلك في حال كان أنت الشخص الذي ضربت الآخر؟
- لماذا يجب أن نعتذر من الآخرين؟
- كيف هي الطريقة التي نعتذر فيها من الآخرين؟
- هل الاعتذار كافي حتى يكون الشخص الآخر قادر على أن لا يشعر بالغضب؟
- بماذا ترغب أن يكون إلى جانب الاعتذار؟ التوقف عن السلوك السلبي؟
- هل الاعتذار يعني أن يقول الشخص أنا آسف فقط؟ أو أنا آسف لأنني قمت بالفعل والسلوك (x) بشكل واضح؟
- متى سمعت شخص يعتذر من شخص آخر؟
- متى اعتذرت من الأم أو الأب؟
- هل لك سلوكيات تسبب الأذى ويجب أن تعتذر عنها؟
هذه المحادثة سبب في توجيه الطفل وإكسابه القيمة بطريقة غير مباشرة ويمكن تقديم المعلومة بما يتناسب مع مرحلة الطفل العمرية وهنا يمكن اللجوء لاستخدام القصص القصيرة لما للقصص الأدبية من أثر على النفس البشرية لدى الأطفال فهي تبقى في ذاكرتهم ولفترات طويلة ويحاولون دائمًا على نقل أثر التعلم وربط ما يدور من أحداث مع ما لديهم من واقع.
الابتعاد عن الانتقاد واستبدال الانتقاد بالتوجيه في حال أظهر الطفل الاعتذار، في الوقت التي يبدأ الأهل فيه بانتقاد تصرفات الأطفال عوضا عن تقديم التوجيه يصبح الانتقاد سبب من الأسباب التي تخفي الاعتذار وتجعله نادر الظهور، دائمًا اجعل الاعتذار معزز ومقدر من قبلك كأهل (أم أو أب) واشكر الطفل على قدرته على أنه يقدم الاعتذار ومن ثم بين مواضع الخطأ بالسلوك ووضح السلوك الصحيح، هذه الاستراتيجية تجعل الطفل يشعر بالثقة فهو قادر على تقديم الاعتذار والاعتذار لن يرتبط بعقاب أو انتقاد وإنما هو مرتبط بتوجيه وتصحيح سلوك خاطئ قد لا يكون عالم بموضع الخطأ فيه وهو بحاجة فعلية للتوجيه.
استغلال البيئة المحيطة في حال ظهرت سلوكيات تستعدي الاعتذار أو سلوكيات يظهر فيها الاعتذار فعلًا، ناقشي مع الطفل السلوكيات المحيطة وحاولي تطوير ما لديه من توجه وفكر وناقشي معه المواقف على أرض الواقع ضمن المحيط. مناقشة مواضع الخطأ في المحيط يساعد الطفل على توسيع مداركه ويزيد من قدرته على إصدار الأحكام على البيئة من حوله وعلى سلوكياته مرة تلو الأخرى.