ربما أن غالبيتنا يعلم أن قدرتنا على استخدام ذاكرتنا تختلف من شخص لآخر، وأننا بالتأكيد لا نستخدم قدرتها الكلية في كل مرة. لذا هنالك الكثير من الدراسات التي بدأ إجراؤها منذ الستينات حول هذا الموضوع، وهي التي أخبرتنا عن النسبة من كم المعلومات التي نستطيع تذكرها في أنشطة محددة. فمثلًا نحن لا نتذكر من الدروس الصفية سوى 5%، بينما القراءة تساعدنا على تذكر 10% مما نقرأ، وتزداد النسبة للمعلومات التي نتلقاها بصورة سمعية أو بصرية، وهكذا..
سأخبرك هنا عن الطريقة التي تستطيع فيها تذكر ما تعلمته بنسبة كبيرة تصل إلى 90%، وهذا أمر نحتاجه جميعًا حتى نستفيد أكبر استفادة من المعلومات التي نتلقاها ونحتاج إلى تذكرها لاحقًا إن كان في مجال الدراسة، أو العمل، أو حياتنا اليومية الطبيعية.
إن ما يساعدنا حقًا ويساعد أبناءنا لاحقًا هو أن نغير الأسلوب التعليمي خاصتنا ونحوله إلى طرائق تضمن لنا أقصى استفادة من الذاكرة خاصتنا. لذا؛ فإن علينا أن نعلم أنفسنا ونعلم الأطفال على التعليم وليس فقط التعلّم. وكما تقول الدراسات، فإنك إن حاولت أن تشرح معلومة لشخص آخر، فإنك بهذا تضمن لنفسك الاحتفاظ بهذه المعلومة مخزنة في ذاكرتك بنسبة تتجاوز الـ 90%.
أما فيما يخص تعلم لغة جديدة مثلًا فإن أهم ما سيفيدك في هذا الأمر هو التركيز على المحادثة ومهاراتها. وهذا سيكون أمرًا أكثر متعة لو حاولت أن تجد لك متحدث أصل لهذه اللغة، حيث ستجد من تحادثه، وفي نفس الوقت يعلمك ويصوب لك أخطاءك.
وكذلك الأمر مع تعلم أي مهارة فنية أو تنمية موهبة، فإن تعلمك بين يدي معلم على أرض الواقع هو أمر أكثر فائدة من التعلم من خلال الأوراق الصامتة، أو الفيديوها وما شابهها من وسائل أخرى حديثة.
وبالطبع يجب أن أذكرك بمشكلة الوقت التي لها أكبر أثر على ما تستطيع أن تتعلمه وتتذكره في فترات زمنية قصيرة. وحتى تستغل وقتك بأفضل طريقة، فأنا أنصحك بتحويل جلسة دراستك الرتيبة والمملة إلى أخرى أكثر نشاطًا وتفاعلية. أما ما أقصده بهذا التفاعل هو إيجاد نشاط تتعلم من خلاله بمساعدة آخرين. بإمكانك أن تعيد صياغة ما حفظته لشخص أخر كأنك تعلمه، بهذا أن تكتسب أكبر قدر من المعلومة لنفسك. وكذلك الأمر مع المناقشة مع أفراد أخرين في أمر معين.
إن اللجوء إلى الأساليب العملية هو أمر يحمل جدوى أكبر، وفائدة مضمونة بشكل أكيد. وهذا بالطبع لا يعني أن الكتب والفيديوها لا فائدة لها، بل على العكس؛ هي أصل المعلومة والمصدر الأكيد -غالبًا- لها، إلى أن الاعتماد عليها بشكل كلي لن يكون ذا منفعة كبيرة كما تعتقد. جرّب أكثر من وسيلة للتلّم، ولا تلزم نفسك بطريقة معينة واحدة حتى لا تقع بالملل والضجر وترفض الاستمرار.