إليك عزيزي، أوجه كلامي هذا وقد سألت عن آلام الأم .
النظر إلى وجه الأم لدقائق يعطيك فكرةً كبيرة عما قد يؤلم الأمهات ، فالأم يا عزيزي يؤلمها فشل ابنها و يسعدها نجاحهُ ، يقتلها إهمال أبنائها و نسيانهم لها و انشغالهم بالحياة و يبهجها مجرد سؤال صغير أو اتصال هاتفي من فلذات كبدها. يتوقف قلبها عند مرض أحد أطفالها و لاتستعيد دقاته و تعود للحياة إلّا عندما تراه قد شُفي تماماً و عاد لسابق عهده و ضحكاته تملأ المكان تراها هُنا تضحك لضحكه و تسعد لسعادته. و يجرحها جداً نكران فضلها و جحود أبنائها و يمسح على قلبها قبلة جميلة تصنعها على يدها بحب و ود .
صديقي تأكد تماماً أن ما يؤلم والدتك هو كل ما يخصك وكل ما يسعدها هو أجل كل ما يخصك فسعادتها بيدك و حزنها بيدك، إن كنت تبحث عن إسعادها فحقق لها كل ما تتمناه لك ما يلهج به قلبها و لسانها ليلاً نهاراً بالدعاء به لك .
أما وقد سألتني عن الوطن، فصدقني أن من كان باراً بأمه فهو على الأرجح شخص بار و محب لوطنه . فالوطن كالأم و ارتباطه بها ارتباط وثيق . فالأم هي من تصنع و تعد الرجال الذين ينهضون بالوطن و يرتقون به . وطنك هو ملاذك ليس مجرد مكان تعيش فيه و تنعم بخيراته . الوطن هو الهوية و هو البيت الكبير الذي يجمع الكبير و الصغير في حضنه تماماً كالأم فهي الخيمة التي تجمع الجميع .
أما القلم فهو الرقيب و الحارس لكلمة الحق و العدل و هو أيضاً كالسيف. إما أن ينهض بالوطن و خيراته و أبناءه من خلال كلمة حق ينطقها أو يهوي به بباطلً تفوه به أو محاباةٍ لمن لا يستحق . فهو سلطة رقابية على مؤسسات الوطن يصوب الخطأ و يعدل الحياد عن الحق و يثني و يشجع المواهب التي تستحق .