الدكتورة في علم النفس ليلان جلاس، هي أول من صاغ مصطلح
العلاقة السامة Toxic Relationship في كتابها الذي نشرته سنة 1995 Toxic people. وتعرّفها بأنها العلاقة التي تكون بين شخصين لا يدعمان بعضهما، يسعى أحدهما بتقليل شأن الآخر، تشتعل فيها المنافسة السلبية, وتمتاز بقلة الإحترام، وجوّها العام مزعج ومؤذي.
شخصياً قد مررت بعلاقة سامة لم تتعدّ الشهر، لأنني أدركت بسرعة أن الطرف الآخر يضرني أكثر مما ينفعني. كان يتظاهر بالرومنسية الدائمة ولكن كان يدس السم بالعسل متوقعاً مني أن لا ألتقط هذا السم وأرده عليه، حين يعرف الشريك نقطة ضعف شريكه أو مثلاً فالنقل، أكثر كلمة يكرهها، ويعمل على استخدامها دائما بغرض الإستفزاز والتقليل من الشأن، أو يلعب على الوتر الحساس ويستغل نقاط ضعف الطرف الآخر، فهنا بالطبع ومن البديهي أن هذه ليست علاقة صحيًة، بل وأبعد ما يكون عن العلاقة الرومنسية السعيدة.
العلاقة السامة, سامة بطبيعتها، أي أن انعدام الإرتياح والإستقرار دائم فيها وليس شيء مؤقت، تستهلك العلاقة السامة من يعيشها نفسياً وجسدياً وعاطفياً.
العلاقة السامة بين أي شخصين تكون وليدة لمطلع شائب، قد تكون طفولة محزنة وقاسية، أمراضاً نفسية، أو قد يكون الهدف من هذه العلاقة هزلي تماماً وغير جدّي ولا واقعي.
أهم العلامات على العلاقات السامة تبدأ بالعنف، الجسدي أو النفسي، المضايقات أو الإعتداءات، غالباً ما يتم إهمال هذه العلامات أو يُستبعد التفكير فيها لأن الشخص الضحية قد يكون مغيّباً ولا يود أن يعترف بعقله الظاهر أنه ضحية للعنف، بالرغم من أن عقله الباطن قد يكون على علم، وقد تكون العلامات نفسها غير واضحة إذا كان الشخص القائم بها متلاعباً ذكياً، قد يدس إهاناته وأساليبه في الإعتداء النفسي على شكل مزحة أو مداعبة، أو قد يلعب دور الحمل الوديع.
كيف تعرف أنك في علاقة سامة؟ بكل بساطة، حين تتوقف عن كونك سعيد فيها. حين تبدأ بالشعور بالإختناق، الحزن، الرغبة في الهرب، الشعور بأن هناك شيء خاطىء لا تدري ما هو، القلق واليأس واللامبالاة.
حين توقن أنك في علاقة سامة، أنصح بالهرب او بإنهائها على الفور، طلب المساعدة أو اللجوء الى الشرطة في حال لزم الأمر، الكثير الكثير من العلاقات انتهت نهاية مؤسفة جداً، لأنها كنت مخيفة جداً ولكن الضحية فيها لم يمتلك الشجاعة على الإعتراف أو النجاة بحياته.
ذكرني هذا الموضوع ب
Jodi Arias، القاتلة الشهيرة التي قتلت حبيبها أثناء استحمامه، مع سبق الإصرار والترصد، قامت بتصوير عملية القتل كاملة على كاميرتها، وحين ألقوا القبض عليها تظاهرت بالبراءة بشكل مرعب. هي شخصية ذكية ومريبة للغاية، مخططة ومضطربة نفسياً. لماذا قتلت حبيبها تسألون؟ لأنه ابتعد عنها بسبب غيرتها الخانقة وارتبط بأخرى، جودي ارتكبت فظائع مذهلة لتحقيق هدفها بقتله، والمذهل أنه في محاكمتها غيرت شكلها كاملاً حتى تبدو المرأة المسالمة البريئة التي كانت تتعرض للعنف الذي انتهى بقتل حبيبها دفاعاً عن نفسها. عند الإستماع لقصة جودي، العلامات على العلاقة السامة فيها كانت واضحة وضوح الشمس، إلا أن التردد والإستخفاف بالأشخاص المضطربين وخصوصاً عند خوض علاقات عاطفية معهم، يفي بعواقب وخيمة.