عندما نريد الوصول إلى الطريقة المثلى للتعامل مع مشكلة ما علينا أن نعلم مصدر هذه المشكلة في المقام الأول، وبشكل عام خيبة الأمل غالباً ما يكون مصدرها نحن والتوقعات التي نضعها نحن، وليس للآخرين يد بها، قدر ترى هذا الكلام مجحفاً، وربما تقول لنفسك الآن كيف أكون أنا الشخص الذي يعاني من خيبة الأمل وفي نفس الوقت أن السبب فيها، بل السبب هم الأهل وأقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم معي ومع غيري ... إلخ.
في الحقيقة السبب نحن لأننا نحن من نضع للآخرين سقف توقعات مرتفع، وعندما لا تتحقق هذه التوقعات يسقط هذا السقف ونشعر بخيبة الأمل، وربما الإحباط الذي يرافق شعورنا بالعجز عن تغيير الوضع الحالي وأننا نقف أمام الأمر الواقع وخصوصاً مع الأهل والعائلة، لا تظن أنك الشخص الأول الذي يشعر بهذا، بل الأمر شائع أكثر مما تظن، ربما لأن الوالدين هم مصدر الأمان الأول للطفل وهم القدوة الأمثل والنّموذج الأصلح، وعندما تختل إحدى هذه الموازين نصاب بخيبة الأمل، لكننا ننسى أن الأهل وقبل أن يكونوا أب وأم وأخ وأخت هم بالأصل بشر مثلنا، أي أنهم ليسوا معصومين عن الأخطاء وعلينا أن نتقبل فكرة أنهم قد يتصرفون في بعض الأحيان بطريقة لا نتوقعها، لا بأس بذلك فالحياة تجارب وخبرات تساهم في تشكيل البناء المعرفي لدى الفرد بما يحتويه من معتقدات وقيم وأفكار ، لذلك ما سأمنحك إياه اليوم ليس طريقة للتعامل مع خيبة الأمل، بل طريقة تساعدك على تخطيه والنظر إلى الأمور من منظور آخر، والتوصيات كالتالي:
- معرفة الدافع الحقيقي الذي يقف خلف تصرفاتهم: السبب الأكثر شيوعاً في جعل الأبناء يشعرون بخيبة الأمل من أهلهم هو أسلوب التربية الخاطئ الذي يعتمد الوالدين والذي يتمثل بالحب المقترن بأشياء أخرى، حيث يشعر الابن أن الوالدين سيتوقفان عن حبه في حال حصوله على علامات متدنية، أو خوضه في شجار ما، أو إهماله بعض الواجبات والمهام، في الحين الذي يظن فيه الأهل أنهم هكذا يقومون بتربية الأبناء وتشكيل سلوكهم يصاب الأبناء بخيبة الأمل، حيث أنه من الطبيعي والمفترض أن يكون حب الوالدين غير مشروط، لكن وإن لم يظهر هذا عليك أن تعلم أن خلف هذا الأسلوب قصد طيب وحسن لكن ربما يكون قد خانهم التعبير، وأن ما يقومون به هو تظاهر ليس إلا بينما مشاعرهم للأبناء محفوظة، وكذلك العكس، حيث أن حب الأبناء للوالدين لا يكون مشروطاً، قد نرى بعض الأخطاء أو التصرفات التي لا تعجبنا لكن كما ذكرنا سابقاً هم بشر ومعرضين للأخطاء، لذلك نحن نكره السلوك ويخيب أملنا بالسلوك وليس بالشخص.
- لا تنسى ما قدمه الوالدين من فضل: على الرغم من أننا نرى بعض الأمور التي لا تعجبنا وتخالف توقعاتنا إلّا أننا يجب أن نمنحهم هذه المساحة من الخطأ، ولا تجعل هذه التفاصيل تنسيك كل الأشياء الجيدة التي فعلها الوالدين والتي لا تقدر بثمن، هم السبب في حياتك أولاً، وهم من قام في توفير احتياجاتك الأساسية أثناء النمو، كما أنهم من ساعدوك في التمييز بين الصواب والخطأ، لذلك يعد الأهل السبب في الوعي الذي تتمتع به الآن وتستطيع من خلاله تمييز ما يناسبك من تصرفات وما لا يناسبك، من هنا يتبين لنا أنه ومهما فعل الوالدين فضلهما يسبق، وأن علينا أن نتغاضى عن بعض الأمور في سبيل الحفاظ على الأمور الأهم، لا أن نمسح الأمور الجيدة بسبب أشياء أقل أهمية.
- لا تقارن نفسك بالآخرين: البيوت أسرار، قد تشاهد فلان يتباهي بوالديه على مواقع التواصل الاجتماعي، وآخر يثني على حنان والديه ودعمهما له، وآخرى ترى في والديها ما لا يوجد في الآخرين، لكن في نهاية المطاف أنتً لا تدري في الحقيقة ما هو الباطن، ولا تعلم ما الذي تمتلكه ويستعد الآخرين أن يدفعوا من عمرهم للحصول عليه والعكس صحيح، كل شخص يعبر عن حبه لأبنائه بطريقة مختلفة، وكل شخص يفكر بطريقة تختلف عن الآخرين، من هذا الاختلاف علينا أن نتحلى باليقين بأننا نمتلك من الدنيا كنوز فريدة لا يمتلكها غيرنا مهما كانت أفعالهم، بل ربما نكون نحن السند لهم ونساعدهم في تصحيح ما هو خطأ بدلاً من الانسحاب والوقوف مكتوفي الأيدي.