الفضول عند الطفل أمر طبيعي، يبدأ منذ ولادته، ويبدأ بالازدياد في عمر الأربع سنين. وهو شيء يمكن ملاحظته عن طريق عدة تصرفات أو أنماط معينة سلوكية يقوم بها الطفل خلال حياته الطبيعية اليومية الطبيعية، أذكر منها كثرة الأسئلة حول تقريبا كل شيء، إلى حد قد يصبح مزعجا لدى البعض، أو على صورة التدخل في أحاديث الكبار، أو التدخل في شؤون الآخرين من أقرانه، سواء كانوا إخوانه في البيت أو غيرهم من الأصدقاء أو الأقرباء.
ولمواجهة أسئلة الأطفال من هذا النوع، علينا أن نكون أذكياء، لذلك سواء كنت أيها القارئ لإجابتني أبا أو أما أو معلما لطفل فضولي، فتأكد أنا أسئلة هذا الطفل ستلاحقك، خاصة للأطفال في العمر ما بعد الأربع سنوات، حيث أنه في هذا العمر يبدأ الأطفال بالاحتكاك بالعالم، من خلال زيارات الأقارب، والذهاب إلى الروضة، وإلى ساحات لعب الأطفال، ويبدأ محيطهم بالاتساع عن محيط المنزل الضيق والمحدود نسبيا، مما يجعله يتعرف على أشخاص جدد، يحتك بهم ويتعلم منهم.
الطفل الفضولي يستمر في محاولة معرفة كل شيء تقريبا، دون أن يفهم إن كان الأمر يعنيه أو ما لا يعنيه، خاصة عن مشاكل الآخرين وعن أمورهم وظروفهم، والعديد من التصرفات الأخرى، والتي تدخل جميعها ضمن إطار مفهوم الفضولية. وعادة ما يحدد مستوى فضولية الطفل أو الشخص العادي، كلما أظهر قدرا أكبر من هذه السلوكيات.
للفضول أشكال وأنواع عند الأطفال، فالفضول يعد صفة متعددة الأوجه والأشكال، فهو لا يتوقف عن التصرف أو السلوك ولا يمكن اختزال الفضول عند الأطفال به، بل هو بحسب الموقف والتصرف الذي يبذله الطفل تجاه أي موضوع في الحياة، ففي أي موقف يبدو فيه سلوك الطفل تدخلا فيما لا يعنيه، أو في شؤون الآخرين وأمورهم، يعتبر فضولا. وفي بعض الأحيان، يكون الفضل رغبة في معرفة المزيد وحبا في التعلم والاطلاع، وهكذا تتنوع أشكال الفضول وأنواعه على النحو التالي:
كثرة الأسئلة:
فبعض الأطفال يوجهون عددا لا يحصى من الأسئلة، لجميع من حولهم، وخاصة الوالدين، وتكون هذه الأسئلة حول كل شيء في الوجود إلى درجة تثير الإزعاج والملل، لمن توجه إليه هذه الأسئلة، ففي بعض الأحيان تكون الأسئلة غير منطقية، أو محرجة، أو لا يوجد هدف أو طائل منها.
التدخل في شؤون الآخرين:
فهذا التدخل يستمر فيه حتى لو كان الأمر غير مناسب لسنه، سواء كان ذلك في حديثهم أو اهتماماتهم أو حتى مشاكلهم. وفي أحيان أخرى يكون التدخل في شؤون الأقران من أصدقاء ومن زملاء ومن إخوة الطفل بطريقة تظهره بأنه حشري، وأنه يفرض نفسه على الآخرين
مراقبة الآخرين:
فقد يصل الفضول عند بعض الأطفال إلى حد مراقبة خصوصيات الآخرين والتجسس عليهم، سواء كان الأهل أو غيرهم من الغرباء مثل الجيران، وهذه تعتبر من الأمور الخطيرة جدا على الطفل عندما يطلع على أشياء وأمور غير مناسبة لاستيعاب عقله ولعمره، أو أن يكتشف أسرار وبناء على ذلك يصرح بها للعلن مما يتبع ذلك من مشاكل.
التنصت على أحاديث الآخرين:
كالتصنت على إخوته سواء كانوا أكبر منه سنا أو المختلفين معه في الجنس، أو التنصت على أحاديث الوالدين، أو الضيوف الذين يحضرون إلى منزلهم.
الفضول المعرفي والعلمي:
ويعتبر هذا من أنواع الفضول الجيد المطلوب، والذي يقوم على مساعدة الطفل في التعرف على عالمه ومحيطه، وتعلم العديد من الأشياء وتطور الخبرات المهمة له في الحياة، ويمكن اعتبار هذا النوع من الفضول من صفات العلماء والمخترعين والعباقرة.
الرغبة في التعرف على أشياء جديدة:
فالأطفال يملكون خبرة قليلة نوعا ما في شؤون الحياة، وغالبا ما تعتبر معرفتهم محدودة، ولكي يتمكنوا من التعرف والتعلم وملء خزانتهم المعرفية، فيقوموا بزيادة خبراتهم ومعلوماتهم، ومن المهم جدا أن يكون لديهم الدافع لتعلم الأشياء الجديدة، واكتساب خبرات أكثر، لتساعدهم مستقبلا في تكوين شخصياتهم والتعرف على مجتمعهم وحياتهم بصورة أفضل.
كثرة الغلبة:
وهي صفة سلبية يمكن أن نجدها عند الصغار أو الكبار على حد سواء، حيث أن صاحب هذه الصفة، لديه رغبة دائمة في إقحام نفسه في كل شيء، إلى درجة قد توقعه في بعض الأحيان في مشاكل مع الناس.
إن أسباب وجود صفة الفضول عند الأطفال تعود إلى عدة عوامل، فقد تكون مجرد إحدى صفاته الشخصية، مثل أي صفة عند الإنسان، لا يتوقف نشوئها على عامل واحد، أو سببا محددا بعينه، فالفضول على وجه التحديد، صفة يسهم في تكوينها العديد من الأسباب، منها الأسباب الفطرية، ومنها أيضا الأسباب المكتسبة أو حتى أسبابا وراثية. وهذه الأسباب يجب أن يتضافر بعضها مع بعض بطريقة معينة لينتج عنها هذه الشخصية الفضولية.لذا طفلنا يسعى لمعرفة كل شيء والتدخل في كل الأمور.
ومن هذه الأسباب والعوامل ما يلي:
أولا: أسباب غريزية،
وهي غريزة التعلم والنشوء والارتقاء الموجود سواء لدى المخلوق البشري أو حتى أطفال المخلوقات الأخرى، ولكن بدرجات متفاوتة، فمنذ أن يولد الطفل يبدأ بتعلم الرضاعة من والدته ثم يكبر ليتعلم الجلوس والمشي والقيام بحركات أخرى ومن ثم الكلام، وهكذا يستمر الإنسان في مسيرته التطويرية عبر تعلم المزيد من الخبرات والأشياء
ثانيا: أسباب مكتسبة،
وهي على الأغلب اجتماعية حيث أن الأطفال يلاحظون كل ما يدور حولهم من حديث، ويلاحظون أيضا تصرفات من حولهم وصفاتها، فعندما يرى الطفل أن أحد والديه يتصف بالفضولية من خلال أحاديثه وتصرفاته مثل جلسات والدته مع جاراتها، والتكلم حول شؤون الآخرين، فإنه من الطبيعي أن يتعلم الطفل هذا السلوك ويقلده لاعتقاده أنه أمر جيد.
ثالثا: حب المعرفة والتعلم،
فبعض الأطفال لديهم ميل أكثر من غيرهم لتعلم الأمور الجديدة، وزيادة مستواهم المعرفي، وهذا يبدو دافعا جيدا، ولو أنه فعليا يعتبر من أنواع الفضول، وذلك لأنه يهدف إلى اكتساب الخبرات والمعارف المختلفة مما يؤدي إلى تطوير ذواتهم وقدراتهم ومهاراتهم.
أما عن كيفية التعامل مع الطفل الفضولي، وللتقليل من فضول الأطفال بشكل عام، وتوجيه هذه الصفة لديهم نحو أهداف أفضل، يجب تحقيق الأمور التالية:
أولا: يجب أن يعرف الطفل حدوده، بإرشاده والتحدث معه وذكر الأمثلة له.
ثانيا: يجب تعريف الطفل أكثر عن دوره الاجتماعي، وعما يجب عدم سؤال الآخرين عنه
ثالثا: تعليمهم احترام خصوصيات الآخرين وخصوصياته أيضا
رابعا: توجيه فضول الطفل نحو التعلم والمعرفة
خامسا: مساعدة الطفل في محاولاته وتجاربه القيمة
سادسا: إشغال وقت وعقل الطفل بأمور مفيدة كتنمية المواهب والهوايات