في إحدى حصص العلوم التي قمت بتطبيقها مع طلبتي، ومن خلال الأنشطة التفاعلية المتنوعة التي قاموا بتنفيذها، أثار أحد الطلبة انتباهي؛ من خلال الأسئلة التي يطرحها في مجموعته، وطريقة ترتيبه وتنظيمه لخطة العمل التي سيتم عرض عملهم بها، وأسلوبه في التعامل مع أقرانه الأقل تحصيلًا من خلال تبسيطه للمعلومة، وربطها بأمثلة بسيطة سهلة يسيرة التتبع.
هذه المؤشرات التي لاحظتها من خلال متابعة تطور الطلبة، وطريقتهم في اكتساب المعلومات، وتطبيقها، وطرح الأسئلة من قِبلهم، وكيفية ربطهم لما تعلموه في الحياة العملية هي بعض المؤشرات التي تمهّد لاكتشاف طالبٍ سريع التعلم.
ثم قمت بعملية بحث لأستطيع التفريق ما بين الطلبة الموهوبين، والطلبة سريعي التعلم فوجدت المؤشرات الآتية:
1- لا يتهيّبون من قول "لا أعرف":
أجد أن هذه العبارة تجعل الطالب دينامو تعلّم، فتجده يبحث عن المعلومة بأي طريقة، فقد يسأل معلمًا أو طالبًا بمستوى أعلى. أو تجده يتقافز راكضًا نحو المكتبة وقت الاستراحة، فإن لم يجد ما يريد، تجده يسارع عند العودة للمنزل- وحتى قبل تغيير الزي المدرسي- للخوض في محركات البحث للبحث ضالته.
2 - يمكنهم تخيّل المعلومة:
يمكن للطالب سريع التعلم تخيّل المعلومة بشكل بصري أو بشكل تنظيمي، ثم يمكنه وضعها تحت التنفيذ على دفتره. كنت أجد الكثير من الرسوم المفتاحية أو الخرائط الذهنية على دفاترهم، لأكلفهم بالشرح، فأجدهم يسترسلون بكل تفاصيلها بالرغم من بساطة أو بدائية رسوماتهم.
3-يتميزون بتبسيط الأمور:
فيستطيعون إيجاد حلول سريعة للمسائل الحسابية دون المرور بتعقيداتها، وكمثال على ذلك أحد طلبتي في االصف الرابع؛ كان يميل لضرب الأعداد من ثلاثة منازل أفقيًّا وليس عموديًّا، كما يمكنه الحساب الذهني بسرعة ويسر؛ وكان ذلك قبل صيحة مهارات العبقري الصغير" الألوها". فالطلبة سريعي التعلم لا تجد معضلة تقف بطريقهم، بل يسارعون للبحث عن طرق تقودهم للحل.
4-يطورون قدراتهم بالتجربة:
تجدهم يتلهفون لتجربة كل عمل أو مفهوم جديد. فيبدأون باستعمال ما تعلموه مباشرة، فيطبقونه في منازلهم، أو في حصص تخصصاتٍ أخرى. ومثال ذلك محاولة تطبيقهم لبعض قوانين الحركة في حصة الرياضة، ومناقشة معلم الرياضة حول مفهومي السرعة والتسارع.
5-انتقائيون:
ينتقي هؤلاء الطلبة ما يرغبون في تعلمه، ويتعلمون من أخطائهم. فقابليتهم على استيعاب المعلومات من جميع الاتجاهات، وإجراء التكاملات ما بين المباحث بطريقة ذكية، هي من الدلالات على سرعة التعلم. ومن الأمثلة على ذلك ربط ما تعلمه طلبتي في مادة العلوم عن الظواهر الطبيعية التي تغيّر تضاريس الأرض مع ما تعلموه في مبحث الجغرافيا وكذلك درس البراكين في مبحث اللغة الإنجليزية.
6-يعرفون متى يجب التوقف:
يدرك سريعو التعلم أين نقطة التوقف، والتأمل في ممارساتهم، ثم الرجوع للخلف لتدارط أخطائهم وتصويبها قبل المضي قُدُمًا. فتجدهم مثلًا عند حل مسألة ما يتوقفون قليلًا عند معقولية الحل. ففي إحدى السنوات كانت إجابة سؤال عن التسارع هو 1م/ث2، ولم تكن الإجابة مقنعة للطالب، فبادر وسأل: هل يعقل أن يكون التسارع بهذا الرقم مع وجود قوة الاحتكاك؟ لفت هذا الطالب نظري وكيفية ربطه متن السؤال بالإجابة المتوقعة.
7 -يتقبلون وجود أسئلة دون إجابات:
يتفهم الكثير من سريعي التعلم بوجود العديد من الأسئلة قيد البحث، أو لا إجابة لها، أو أنها أسئلة جدلية ليست مقفلة النهاية.
وفي الختام أود أن أنوّه أن الطالب سريع التعلم ليس بالضرورة أن طالبًا عالي التحصيل؛ والطالب البطئ ليس بالضرورة أن يكون ضعيف التحصيل. فالفاصل هو طريقة تعلم كل منهما واستطاعته قولبة ما تعلمه، وتأمل ما يمارسه، وعمل ارتباطات ووصلات فكرية وذهنية وتطبيقية بين التعلم والواقع.
للمزيد عن مؤشرات الطلاب سريعي التعلم، وكيفية جعل طلابك سريعي التعلم، تابع الرابطين التاليين:
المراجع: