برأيك، هل تستخدم الحكومات قاعدة البيانات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي لصالح خططها؟

1 إجابات
profile/قصي-خالد-أبوشامة
قصي خالد أبوشامة
ماجستير في تخطيط مدن (٢٠١٩-٢٠٢٠)
.
٢٩ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
خلال الأعوام الأخيرة، ازداد عدد الحسابات الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي، وباتت الحكومات تستغل هذه المنصات للاستفادة من قاعدة البيانات الموجودة لصالح أجنداتها، فأطلقت برامج لمراقبة بيانات وسائل التواصل الاجتماعي وجمع كميات كبيرة من بيانات المستخدم، بما في ذلك وجهات النظر الدينية والسياسية، بالإضافة إلى البيانات عن الصحة الجسدية والنفسية وهوية الأفراد والعائلة، على سبيل المثال، تستخدم وزارة الأمن الداخلي هذه البيانات لتحليل الشخصية والتحقق منها، وخاصة بيانات الأفراد الراغبين بالمهاجرة إلى الولايات الأمريكية المتحدة.

وبينما تبرر الحكومات استغلالها لهذه البيانات بحجة الحفاظ على الأمن القومي، لم تقدم هذه الممارسات إلا مزيدًا من القمع للحريات المدنية وحرية الصحافة والتعبير، إذ تشير الأدلة إلى أن الحكومات تستغل البيانات الشخصية المستخرجة من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف المتظاهرين والأقليات الدينية والعرقية.

وقد ازدادت في الآونة الأخيرة وتيرة الرقابة الحكومية على المنشورات، من خلال مظلات برامج الرقابة الإعلامية، وهناك علاقة طردية بين مدى انتشار وسائل التواصل وانتشار برامج الرقابة الحكومية، وبكلمات أخرى، مع ثورة المعلومات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، ازداد عدد الأدوات الخورازمية الحكومية والمستخدمة لتحليل تلك المعلومات واستخراج النتائج ذات المعنى.

وعلى الرغم من ذلك، لم تثبت الحكومات فعالية في استغلال البيانات لصالح خططها الأمنية، ووجد أن برامجها لم تكن فعالية في رصد تهديدات السلامة العامة أو الأمن القومي. وقد تجمع الحكومات مثلًا بيانات عن اللاجئين على أراضيها من وسائل التواصل، لكن هذه البيانات لن تقدم معلومات قيمة يمكن الاستفادة بها لاعتبارات الأمن القومي، حتى إن كانت تلك البيانات تخص فئة من الناس قد تهدد الأمن القومي حقًا.

والجدير بالذكر أنه توجد فجوة كبيرة بين الوسائل التي تستخدمها الحكومة لجمع قواعد البيانات على مواقع التواصل والكيفية التي يعبر بها المستخدمين، فمن الصعب تفسير المنشورات وربطها بتهديدات حقيقية، وقد تتخذ هذه المشاكل بعدًا آخر عندما يعبر أولئك الأفراد بلغة مغايرة للغة الحكومة.

وكما ذكرنا سابقًا، تتهدد الحريات المدنية عندما تنخرط الحكومات في أنشطة على مواقع التواصل الاجتماعي هدفها جمع البيانات واستغلالها لصالحها، لأن هذه البيانات تقدم معلومات عن حياة الأفراد الشخصية ووجهات نظرهم السياسية واعتقاداتهم الدينية، والحكومات متى حظيت بهذه المعلومات فإنها تسيء استخدامها. نتيجة لتلك الممارسات، أظهرت الأبحاث أن الأفراد يفرضون رقابة ذاتية على أنفسهم في وسائل التواصل الاجتماعي عندما يعلمون أن الحكومة تراقبهم. 

خوارزميات رقابة وسائل التواصل غير جديرة بالثقة، وتتسم بالعنصرية والتمييز

تجدر الإشارة هنا إلى الاستخدام المتزايد من قبل الحكومات لأدوات خوارزمية لمراجعة منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وتعتمد هذه الخوارزميات على معالجة اللغات الطبيعية وتحليل المشاعر، وتمتلك معدلات خطأ عالية، ما يثير الشك حول قدرتها على تحقيق الأهداف الرقابية والتعرف على تهديدات الأمن القومي. 

فمن جهة أخرى، يتم تغذية هذه الخورازميات بقواعد البيانات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي متسمة بالتحيز، إذ تتجه لإظهار النتائج بطابع عنصري، على سبيل المثال، خلال فترة رئاسة ترامب، استعانت الحكومة الأمريكية بهذه الخوارزميات لمراجعة طلبات الهجرة وفقا بيانات الأشخاص المتقدمين بالطلب على وسائل التواصل الاجتماعي، وتظهر الأدلة أن تلك الخوارزميات كانت مشفرة بحيث يتم حظر فئة دينية معينة أو التدقيق عليهم بعناية، مما يساهم في تمييزهم كأمن قومي على نحو أكبر من باقي الفئات. 

وفي نهاية الأمر، إذا أردنا معرفة إن كانت الحكومات تستخدم بيانات وسائل التواصل الاجتماعي لأهداف نبيلة، علينا أولًا الإجابة على عدد من الأسئلة: ضمن أي سياق تراقب الحكومة وسائل التواصل الاجتماعي؟ كيف تتحقق من صحة بيانات الحسابات المرتبطة بالأفراد؟ ما نوع القرارات التي ترغب باتخاذها اعتمادًا على هذه البيانات؟ كيف يتم مشاركة تلك البيانات؟ وكيف يتم قياس فعالية البرامج المستخدمة لجمع البيانات؟