إن السعادة ليست دائمة بطبيعة الحال، وذلك الأمر ينطبق علينا جميعًا. والتعاسة أيضًا لا يمكنها أن تكون حالًا دائمً. ربما في لحظات الحزن نبدأ بالشعور أن هذا الألم لن ينتهي، أو نأخذ نتخيل كيف سنعيش مع هذا الحزن مدى الحياة. ولكن الحقيقة تقول أنه من غير الممكن أن تكون حال الإنسان هكذا حتى يموت، إلا إن فرض على نفسه هذا النوع من الحياة، أو إن استمر بممارسة عادات تجلبه له التعاسة وهو لا يعي ذلك.
شعورنا المستمر بالحزن يتوجب علينا أن نجلس مع أنفسنا ونصارحها، وأن نبحث في كل احتمال يسبب لنا الحزن حتى وإن بدا لنا تافهًا وصغيرًا. وهكذا ستعتاد أن تعرف نفسك بشكلٍ أفضل، وأن تعرف ما يجب عليك التوقف عن فعله حتى تكون أكثر سعادة وأقل ألمًا.
سأحدثك الآن عن بعض التصرفات والعادات التي يتبعها بعضنا والتي تسبب لنا التعاسة بشكل مستمر، وغالبًا لا نكون منتبهين أنها المسبب، أو نظن أنها مشاعر عرضية لا أكثر. لذا أنصحك أن تتمعن جيدًا فيما سأقوله لك، ثم ابدأ بتغيير هذه العادات إن كنت تمارسها فورًا.
- التشاؤم: لا شك في أنه السبب الأول لاستمرار شعورك بالحزن والضيق. إن التعساء هم أكثر الناس الذين يداومون على نظرتهم السيئة والتشاؤمية للمستقبل وأحداثه مهما اختلف الأسباب. حتى وإن أتت الأمور جيدة على غير ما يتوهمون، أنهم يستمرون بخلق سيناريوهات مليئة بالأحداث السيئة والمشؤومة لما سيأتي.
- المداراة على الأخطاء التي يرتكبونها: إن من يريد العيش بسعادة يجب ألا تخيفه الأخطاء، لا لأنها صحيحة، بل فقط لأنها طبيعية. بل يكونون واعين لما ارتكبوا، ويتحملون مسؤولية ارتكابهم للأخطاء مهما بلغ حجمها، ولا يسعون لإخفاءها وعدم الاعتراف بها.
- كثرة التذمر: وربما ستشعر بالأمر إن كنت أنت الطرف الذي يستمع لشخص كثير التذمر والشكوى من كل شيء. فترى أن حتى الأمور السعيدة البسيطة لم تعد ترضيه. وهذا الأمر يختلف عن التحدث عن المشكلات أو ما يسمى بـ "الفضفضة"، بل هو الاستمرار بالتشكّي حتى في ما يخص الأمور الاعتيادية والشديدة البساطة.
- الانعزال أو الشعور بالعزلة: إن اعتياد الابتعاد عن الناس، أو تجنبهم ورفض الانخراط بأي تجمع لأسباب مختلفة يؤدي بالشخص لأن يشعر بالحزن الشديد لأوقات طويلة دون أن يستطيع تحديد السبب غالبًا. وهذه إحدى العادات التي يجب تغييرها بسرعة، إذ أن وجود أشخاص إلى جانبنا، والتحدث معهم عن أكثر الأمور بساطة هو أمر يحدث فرقًا كبيرًا على صحتنا النفسية. ولا أنفي حاجتنا في بعض الأحيان إلى العزلة والانفراد بأنفسنا حتى نحسن من مزاجنا، إلى أن ذلك لا يجب أن يكون حالًا دائمًا، بل فترة مؤقتة قصيرة لأهداف محددة.
- تأجيل السعادة: وهذه إحدى العادات السيئة التي يميل التعساء إلى اتباعها. حيث أنهم يستمرون بالظن في أن السعادة تتواجد في المستقبل بعد أن يقطعوا شوطًا طويلًا في الحزن والتعاسة، ويهملون حقيقة أن السعادة متواجدة حولهم وأنهم هم من يرفضون النظر إليها أو الوصل لها بكل بساطة. فلا يجب علينا أبدًا تجاهل حاضرنا، حيث أنه الشيء المؤكد الوحيد الذي نملكه، بينما المستقبل أمر لا أحد يستطيع أن يضمنه.
- الشعور الدائم بالاضطهاد: حيث أن التعساء يجدون أنهم دائمًا الضحايا في كل موقف يحدث لهم، ويستمرون بالنظر للحياة بشكل صعب وتعيس. وكل المشكلات التي يمرون بها يتعاملون معها بفوضوية وغالبًا ما تخرج كل أمورهم عن السيطرة. وكثيرًا ما تكون هذه المشكلات هي أمور عادية تحدث مع كثير من الناس، إلا أنهم يبالغون بنظرتهم لها، وا يعرفون كيفية تخطيها.