إن التقدم المعرفي، و التكنولوجي ساهم بشكل كبير بدعم الفنون، وإبداعات الإنسان.
و سهلت التكنولوجيا تقديم الفنون بمختلف اشكالها للعالم، بحيث تم توفير قاعدة متينة ترتكز عليها أفكار الفنان، و من خلالها يستطيع التغلب على مختلف التحديات التي كان البعض يجدون فيها مشقة، فالتكنولوجية أعطت مساحة واسعة لتطبيق الأفكار الإبداعية الجديدة بحيث توفر السُبل لتنفيذها و القدرة أيضاً على نشرها و إيصال العمل الفني للعالم بكبسة زر.
لقد ساهمت التكنولوجيا في التنوع الفني بشكل كبير، فعملت على كسر القالب التقليدي لمسمى الفن، و الأسس التقليدية لديه، و انطلقت به نحو القمة و البسته ثوب الحداثة، فمنذ عصر النهضة و عبر العصور المتتابعة وصولاً الى زمننا هذا، تم تشكيل هيكل جديد لقالب الفن وإعطائه صبغة المعرفة، فلم يعد تنفيذ الأفكار الإبداعية مستحيلاً مع وجود التكنولوجيا بحيث استطاعت ان تتخطى القلم و تأخذ خطوط الفنان وأشكاله نحو العالم الرقمي او الإفتراضي ليستطيع من خلاله تنفيذ افكاره المبتكرة التي كانت تعتبر في السابق ضرباً من ضروب الخيال.
بالنسبة لي أحب متابعة تطور الفنون التشكيلية عبر العصور و خلال بحثي تمكنت من ملاحظة القفزة الهائلة للفن التشكيلي وارتباطه الوثيق بالتكنولوجيا منذ بداية القرن العشرين و حتى يومنا هذا وما يتبعه من تأسيس فروع جديدة مختلفة عن ما كان متعارف عليه في السابق فلقد أصبح الرسم الان يتم عبر الأجهزة اللوحية و أصبح من الممكن تحريك الرسومات لخلق عالم افتراضي جديد من صنع الإنسان و عبره يستطيع التعبير عن ذاته، و معتقداته، ويستطيع أيضاً إبداء آراءه بكل سهولة و بوقت قصير، وبشفافية بدون الحاجة إلى الفرشاة والألوان، و بإمكانه نشر أعماله ومشاركتها مع العالم بدون الحاجة لوسيط وبكل سهولة ويسر.
لكن، ومع جميع الميزات التي توفرها التكنولوجيا الا انها وإن سهلت النتاج، لكنها حاصرته وأوقعته ضمن حدود التشابه، ولونته بصبغة واحدة مستنسخة فلم يعد هناك الكثير من التميز، وبدون تميز لا يوجد إبداع أو فن، لذلك يجب على الفنان الإعتماد على أفكاره و استخدام التكنولوجيا فقط لبلورتها، وتركيزه على ترك بصمة تميزه، و تجعل عمله يندرج تحت مسمى الإبداع، واعتبار التكنولوجيا وسيلة وليست الأساس في تشكيل أعماله الفنية.
13 مشاهدة
