برأيك، بماذا يتميز الpodacast والراديو عن غيرها من محطات التواصل والمعرفة؟

1 إجابات
profile/ميس-نبيل-طمليه
ميس نبيل طمليه
كاتبة في مجال تطوير الذات الذكاء العاطفي في عدة مواقع إلكترونية (٢٠٠٧-حالياً)
.
١٢ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
أنا من عشاق الراديو منذ صغري، حيث كنت مدمنة على الاستماع للإذاعة الأردنية وBBC وإذاعة مونت كاريو. وقد ورثت عشق الراديو من جدتي - رحمها الله- فهي كانت عاشقة له كذلك مثلها مثل معظم أبناء جيلها الذي كان معظمهم يتكل على الراديو لسماع الأخبار ومعرفة ما يجري حولهم.

فكان عند جدتي جهاز راديو صغير يعمل بالبطاريات تحمله معها أينما تذهب، وتضعه تحت البطانية حتى عندما تخلد للنوم، فلا أتذكر أنها كانت تطفئه في بيتها أبداً، فكان رفيقها الدائم وصديقها الوفي. فكنا أحياناً عندما ننام في منزل جدتي نستيقظ على صوت رخيم يصدح "هنا عمان... إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية..."
من هنا عشقت الراديو وألفته وتعودت أن يكون جزءاً من حياتي، وكنت أحلم منذ صغري أن أصبح مذيعة في الإذاعة الأردنية أستقبل مكالمات الناس وأستمع لهمومهم وأهوّنها عليهم بأغنية يستمعون إليها فتأخذهم إلى عالم الأحلام فيغرقون بترديد كلماتها ودندنة ألحانها متناسين همهم مهما كان كبيراً.

وفعلاً عندما كبرت بقي هذا الحلم في بالي، وكنت أحب إذاعة مزاج إف إم وأشتم فيها رائحة ذكريات طفولتي فاتصلت يوماً بالإذاعة وطلبت من مديرتها في ذلك الوقت - هنا أبو لغد- أن أتدرب في الإذاعة بالمجان، فرحبت بي ودربتني لمدة شهر. وبعد حوالي 3 أشهر تقريباً اتصلت بي وعرضت علي العمل في الإذاعة كمعدة للبرنامج الصباحي "كافيين" مع المذيعة روز السوقي التي كانت هي من طلب من الإدارة توظيفي لأنها وجدت لدي محتوى مختلف يضيف لبرنامجها ويساهم في تطويره.

 ومن ها كانت بدايتي في عالم الراديو الذي أحب، فجربت ضغط العمل عندما تكون مسؤولاً عن برنامج على الهواء مباشرة، ومرت علي الكثير من الصعوبات وخصوصاً عندما اضطر لتغيير موضوع الحلقة إن حدث طارئ معين، كما أن عليك كمعد برنامج أن تبقى على اطلاع على الأخبار خلال فترة بث البرنامج البرنامج مع أخذ الاتصالات وتحضير المادة والاستماع لكلام المذيع ودعمه من ناحية المحتوى متى احتاج لذلك، فأحياناً كان اتصال من مستمع يغير مجرى الحلقة كاملاً وأضطر لإعداد موضوع آخر وتزويد المذيع فيه وهو على الهواء! لكنني والحمد لله استطعت أن أطور نفسي حتى تدرجت من متدربة إلى مسؤولة برامج عن إذاعتي مزاج إف إم وراديو دهب.

يقول البعض أن الراديو والبرامج المسموعة ستختفي مع الزمن بسبب التطور التكنولوجي الذي مكن الناس الآن من سماع ما يريدون من خلال تطبيقات الهواتف الذكية و USB في السيارة، كما أنهم أصبحوا أكثر ميلاً لمشاهدة الفيديوهات والصور. لكنني أقول بأن الراديو سيعيش إلى الأبد ربما لارتباطه بماضينا "نوستالجيا" وربما لأنه يمكننا من سماع موضوعات تهمنا وتلمسنا، كما نستطيع المشاركة بآرائنا والاستماع لآراء وتجارب غيرنا، كما أن الأغنيات في الراديو لها نكهة مختلفة؛ فأنا مثلاً أفرح كثيرً وأتفاجأ عندما أستمع لأغنية أحبها بشكل مفاجئ في الراديو وأتذوقها بطعم مختلف مع أنها موجودة في USB التي أشغلها في سيارتي وأستمع لها باستمرار... لا أعرف ما هو السر في ذلك!

أما بالنسبة للبودكاست فهو يمكننا من الاستماع لما نريد في الوقت الذي نريد، كما يفتح لنا أحياناً فرصة ترك تعليقات معينة أو أسئلة لمقدم البودكاست أو المشاركة في الدردشات في مجتمع المحادثة... فكم هو جميل أن تشغل البودكاست الخاص بموضوع الذكاء العاطفي مثلاً لتتعلم أكثر عن هذا الموضوع وتتسلى في نفس الوقت خلال تنقلك في سيارتك بدلاً من إضاعة وقتك!

فالبودكاست والراديو يقدمان محتوى مسموع لا يحتاج منك إلا حاسة السمع فتستطيع الاستماع لما تريد خلال قيادتك لسيارتك أو انشغالك في أعمال المنزل أو حتى في عملك المكتبي... ما تحتاجه ببساطة هو سماعات أذن وتنزيل تطبيق البودكاست الذي تحب أو الإذاعة التي تختارها أو تشغيل الراديو على هاتفك الخلوي أو من خلال جهاز الراديو.
فالمحتوى المسموع يتيح لك فرصة الاستماع دون حاجتك للتوقف عن أعمالك، ويقلل نسبة تشتتك مقارنة بتلك الوسائل التي تقدم المحتوى المرئي أو المقروء كالتفاز واليوتيوب والمواقع الإلكترونية والصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

كما أن المحتوى المسموع يترك لك فرصة التخيل كما تفعل القراءة عندما تقرأ رواية... فالأشخاص يجمعون غالباً بأن قراءة الرواية أجمل بكثير من مشاهدتها كفيلم أو مسلسل على التلفاز، كذلك هو الراديو والبودكاست والوسائل التي تقدم المحتوى المسموع... فهي تترك لك فرصة السفر بخيالك لما يقال، فتسرح بتخيل الخبر أو الحدث كما تقوي ذاكرتك السمعية، وقد تتخيل شكل المقدم من صوته وشخصيته التي عكست لك من خلال كلامه.

بالإضافة إلى أن الكثير من الإعلاميين الذين عرفتهم في حياتي يفضلون العمل الإذاعي للكثير من الأسباب منها أنهم يكونون على طبيعتهم من ناحية اللباس؛ فلا حاجة لارتداء الملابس الفخمة ولا للماكياج الذي يرهق البشرة ولا للإضاءة العالية المتعبة! وأيضاً يجمع المعظم أن العمل الإذاعي وخصوصاً التقديم فيه تحديات أكبر من تقديم البرامج التلفزيونية أو المرئية بشكل عام لأن المقدم عليه أن يوصل فكرته للمستمع وإقناعه بما يقول من خلال صوته فقط؛ فليس هناك إضاءة ولا صور تساعده في توصيل المعلومة، ولا حركات أيدي وعيون، وعليه أن يلعب بصوته فقط فيعليه تارة ويخفضه تارة ويعكس فيه انفعالاته المختلفة المناسبة للكلام. ولو لم تكن الأذن هي العضو الأهم في اكتساب المعلومات والتعلم لما كانت حاسة السمع هي أول حاسة تبدأ بالعمل لدى الجنين حتى وهو في رحم أمه!

ناهيك أن مستمع البرامج المسموعة هذه "طيّار" كما أقول عندما أدرب المتدربين على البرامج الإذاعية... فهو يقلب الموجات ويستقر على ما أعجبه ليسليه في طريقه في السيارة، ويقلب الموجة فور سماع خبر لا يعجبه أو عندما لا تعجبه الأغنية أو المقدم... لذا على فريق العمل أن يكون حذراً وأن يوزع المحتوى بشكل ذكي؛ فكنا في الإذاعة مثلاً نشترط على الإعداد أن تحتوي كل ربع ساعة على محتوى مميز يقوله المقدم بأسلوب جذاب وعلى الأغاني المساندة للمحتوى وآراء المستمعين الذين يعبروا عنها إما برسائلهم النصية أو الصوتية أو من خلال الاتصال بالبرنامج لتنوع الأصوات، مع المحافظة على الإيقاع السريع الحيوي.

فإن كنت -عزيزي السائل- لم تقع في عشق الراديو بعد فاستمع إلى مقتطفات من برنامج "رسائل شوق" للمقدمة القديرة كوثر النشاشيبي الذي كان يبث على أثير الإذاعة الأردنية قديماً - علماً بأنني لم أكن مولودة وقتها، لكنني عرفته وسمعت عنه كثيراً- لتشتم رائحة الماضي، واستمع كذلك إلى الإذاعة التي يعجبك توجهها عندها ستفهم حرفياً ما أقول.
وإن كنت لم تجرب البودكاست حتى الآن، فانتقِ موضوعاً تحب التعمق فيه واستمع له من خلال البودكاست وستلاحظ أنه الوسيلة الأفضل والأسرع لك في تعلمه مهما كنت مشغولاً.


تالياً روابط أنصح بها للبودكاست، وكذلك مقطع منتشر لبرنامج "رسائل شوق" 


برنامج رسائل شوق


  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة